ها هي تتقدّم إلينا،لأول وهلة كان تقدمها على استحياء بالغ ..ولكن ما بين اليوم والليلة، تكون أمور ،ويبدي لك الله ما كنت تجهله ،فها هي اليوم،تتقدم بخطى ثابته،تتصدر الموقف..الشاشات،حديث الناس ، تقف هنا لوهلة، وترمي بذرتها الأولى وتنطلق ، لتكمل الترحال،حيث اللامكان، حين تدرك المهمة !!
اخترت أن أفهم، فهناك الكثير من علامات الاستفهام لدي ،سواءً تفاصيل الحادثة ، وما بعدها..فاخترت اللجوء إليه ، مع أن الوقت ليس مناسبا إطلاقا ،فقد ناله نصيب من الاعتداءات الماساوية ، أدخلته في أزمة صحية هي الأولى من نوعها لديه منذ خروجه من سجون الاحتلال الاسرائيلي بعد أن قضى فيها ما يقرب من 17 عام !!
سلطان العجلوني.. كان من أحد الشاهدين على أحداث الخامس والعشرين من آذار على دوار الداخلية في عمان، وقد قمت باجراء مقابلة صغيرة معه ،بعد أن اطمأننت على صحته وسلامته..
المقابلة امتدت ما يقرب من ساعة وربع تقريباً،لذلك سأجمل أهم وأبرز النقاط التي تحدث بها العجلوني ،تعليقاً واستطراداً على الأحداث ،أو بالاجابة عن بعض الأسئلة ..
"لم يسبق الضرب أي إنذار" ولا حتى طلب صريح بفض الاعتصام ،وهذه كانت الفاجعة والصدمة الأكبر للعجلوني ،أن ما حصل كان نتيجة واضحة للتضليل الذي وقع هؤلاء المحتشدين ضحيته، كمايبدو من أن المناشدات التي استغاث المعتصمون بها الى رجال الأمن ، لم تصل الى القلوب فقد ردتها الآذان غير مصغية، نتيجة الشحن الطائفي والعرقي والإقليمي الذين عُبؤا به،لصالح مآرب الفاسدين ،لكي لا تلفهم رياح التغيير في يوم من الايام فيفقد ما عاشوا عليه !!
من جهته فرّق العجلوني ،بين المضلَّلين وبين رجال الأمن"باللباس المدني" الذين كانوا يطوقون المكان ! واعتبر أن الفئة الثانية أشد ضلالا وإفساداً من الأولى التي جارت عليهم واعتدت عليهم اعتداءا فظيعا ! على حد تعبيره .
ورداً على حُجّة الكثيرين بأن موقع "ميدان عبد الناصر" هو موقع حيوي واستراتيجي في عمّان، وإغلاقه يعطّل حركة الناس ،يقول العجلوني أن الحركة في دوار الداخلية لم تتعطل !! فالمعتصمين لم يخرجوا عن (الرصيف) تحت الجسر، بل قاموا بضبط المكان ،واستغلّوا ساعات الفجر الأولى لتنظيف المكان ،بما فيه (مبنى محافظة العاصمة)المقابل للدوار !
بل من أغلق الدوار ،وأعاق الحركة ،هم "البلطجية" الذين حتى بعد الاعتداءات مكثوا فترة لا يستقل بها على الدوار ، بالتطبيل والتزمير ،وكأنهم انتصروا على عدو !! وذلك لساعات متأخرة من الليل ،دون أن يحاسبهم أحد !!
أما رؤية العجلوني إجمالا لموقع "ميدان عبد الناصر "فهو يرى أن اختياره يحسب لتنظيم الحركة لها وعليها.. لها "أنه موقع استراتيجي ،في مكان قريب لكثيرين من الناس ،في العاصمة عمان ،ومن السهل الوصول إليه ،واستطاع المنظمين أن يصلوا لعدد أكبر من الناس عن طريق هذا الموقع بالذات،ومن الممكن أن يدفع هذا التجمع في هذا الموقع لاستجابة أسرع من الحكومة،حيث يعتبر أن اعتصامهم في مكان مفتوح وغير استراتيجي ،لن يدفع الحكومة للاستجابة إلى المطالب بسرعة أكبر.. واشار هنا إلى أنه لم يكن مع المنظمين ،وتمنى لو أنه نال هذا الشرف .. وأما ما حُسِب ضد التحرك باختياره لميدان جمال عبد الناصر فكان السبب الاقوى لدى العجلوني "أنه مكان ضيق وغير مناسب لوجستياً" حيث أن المعتصمين لم يتمكنوا من إغلاقه على سبيل المثال ،وحماية أنفسهم وقت الهجوم ..
وحين طرحت قضية المطالب التي خرج بها تحرك "شباب 24 آذار "وكيف تقييمه بالطابع العام ، فهنا يرى العجلوني عدة أمور ،أولها أن اختلاف المعتصمين نفسهم على بعض المطالب هذه سنة بشرية جارية الى يوم الدين، وهذا إن دلّ على شيء ،فهو يدلل على أن الشريحة التي خرجت للاعتصام تمثل أطياف متعددة للشعب الأردني ،باختلاف توجهاته وأفكاره ،وهذا ما ظهر من خلال أنواع وأطياف ومشارب الشباب المعتصمين هناك .. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ،يصرّح العجلوني أنه شخصياً لم يكن موافقاً على بعض الشعارات ،وخالف بعضها ايضا، بل وغضب من بعضها !! ولكنه كان يؤمن بأن كل وجهة نظر يريد أي أحد أن يستخدم "الميكروفون" ويلقيها في الاعتصام كان المجال مفتوحاً له بامتياز ، مع ضرورة الالتزام بعدم التجريح أو التخوين أو التشخيص أو احتكار الوطن !!
كما أوضح العجلوني بأنه يعارض فكرة "اسقاط الشخصيات"مثلما طالب المعتصمون ،وإنما يطالب هو بضرورة "تغيير السياسات" لأنها هي المحرك الأول والأخير لأي شخصية قد تستلم اي موقع حساس !!
وحيث كانت الملاحظة الابرز هو غياب القيادة عن الساحة في الاعتصام ،يقول العجلوني "إننا قد سئمنا القيادات الفردية النمطية بسياساتها القديمة ايضاً ،ونحن اليوم نحتاج لقيادة جماعية وهذا ما فعله تحرك شباب 24 آذار ،كان التنظيم قوي ،وشمل تجمّعاً لعدة مشارب وتوجهات اردنية ،هذه المشارب والتوجهات والأطياف ،هي التي شكلت القيادة الجماعية للتحرك ...
وختم العجلوني حديثه بأن الوطن للجميع،لكل ما ولد فيه وعاش ،وكم من أردني من اصل "غربي النهر" عاش وقدّم لهذه البلد الكثير، كما الأردنيين من أصل "شرقي النهر" تماماً..والمزاودة على الوطنية خطٌ أحمر لا يتجاوزه عاقلون !! فالسعي للتغيير والغصلاح ،مطلب وطني شامل ،ويصب في مصلحة الجميع ،إلا مصلحة ذلك الذي انتمى لذاته قبل وطنه !! ونحن اليوم بحاجة لتحمل مسؤولياتنا تجاه الحرية التي نطالب بها ، كما من الضروري على شبابنا اليوم ،التحلي بالصبر،وسعة الصدر وروح المبادرة والايجابية ،لأن الطريق في اولها !!
هذا ويذكر أن الأسير المحرر سلطان العجلوني ، كان قد بدأ تحركه للمطالبة بمقاضاة الذين اعتدوا عليه في أحداث الجمعة ،ولكن اليوم يعلن تنازله الصريح عن حقه ،وذلك من باب تطهير النفوس وتطيبيها ، بمحاولة جادة للمّ الشمل ،وإصلاح القلوب.
وها هم أهلها..يربتون بأيديهم أسفل قلوبهم، يحاولون تخفيف جزء من ذلك الألم ،يربطون الجرح ،ويقفون مجدداً بالورد..فالرؤى الخلاقة تتقدم الرَّوح والراحة ! بعض من الغضب،كثير من الحرقة، فالموت يسرق الآمال،ويُسري الآلام ، وقد يختمها بلحظة !
وسكنت الأحداث بعد طول انفعال، لا كسكون البشر الذي نعرف،وإنما كسكون الطبيعة،إذ تبدي لك مع النسمات هدوءا..ولكن تبقى الحرية والتغيير عاصفة ترتع وتشتت هدوءها يمنة ويسرة..
كنت أخشى أن ما بعد أحداث الجمعة المؤسفة هنا في عمان،سيكون الموضوع أبسط،وأن التعقيدات في محض نسج لمخيلتي القاصرة، فلم أدرك أن مخيلة ثورة الشعوب أكبر مما يمكن إدراكه،وأن المغالين والمراهنين كثر ، يقفون على أعتاب الكلمات، ويشعلونها فتنة وناراً تالله لن تحرق إلا قلوبهم ،كما أحرقت عقولهم من قبل ..
اخترت أن أفهم، فهناك الكثير من علامات الاستفهام لدي ،سواءً تفاصيل الحادثة ، وما بعدها..فاخترت اللجوء إليه ، مع أن الوقت ليس مناسبا إطلاقا ،فقد ناله نصيب من الاعتداءات الماساوية ، أدخلته في أزمة صحية هي الأولى من نوعها لديه منذ خروجه من سجون الاحتلال الاسرائيلي بعد أن قضى فيها ما يقرب من 17 عام !!
سلطان العجلوني.. كان من أحد الشاهدين على أحداث الخامس والعشرين من آذار على دوار الداخلية في عمان، وقد قمت باجراء مقابلة صغيرة معه ،بعد أن اطمأننت على صحته وسلامته..
المقابلة امتدت ما يقرب من ساعة وربع تقريباً،لذلك سأجمل أهم وأبرز النقاط التي تحدث بها العجلوني ،تعليقاً واستطراداً على الأحداث ،أو بالاجابة عن بعض الأسئلة ..
النقطة الأولى كانت عن آخر لقطة قبل حدوث الاشتباك..هنا يؤكد العجلوني على أن ما حصل لا يمكن أن يسمّى اشتباكاً بل هو "مجزرة" لإن الواجب في الاشتباك أن يقوم الطرفان بالمواجهه وهذا ما لم يحصل ،حيث استطاع المعتصمين ضبط أنفسهم ، وعدم الرد على سيل الحجارة التي انهالت عليهم ابتداءاً ، ثم على اعتداء "البلطجية" وبعض من قوات الدرك والأمن عليهم في المساء ،حين وصول الحشد القادم من حدائق الملك حسين والتي شهدت مسيرة "نداء وطن ".
"لم يسبق الضرب أي إنذار" ولا حتى طلب صريح بفض الاعتصام ،وهذه كانت الفاجعة والصدمة الأكبر للعجلوني ،أن ما حصل كان نتيجة واضحة للتضليل الذي وقع هؤلاء المحتشدين ضحيته، كمايبدو من أن المناشدات التي استغاث المعتصمون بها الى رجال الأمن ، لم تصل الى القلوب فقد ردتها الآذان غير مصغية، نتيجة الشحن الطائفي والعرقي والإقليمي الذين عُبؤا به،لصالح مآرب الفاسدين ،لكي لا تلفهم رياح التغيير في يوم من الايام فيفقد ما عاشوا عليه !!
من جهته فرّق العجلوني ،بين المضلَّلين وبين رجال الأمن"باللباس المدني" الذين كانوا يطوقون المكان ! واعتبر أن الفئة الثانية أشد ضلالا وإفساداً من الأولى التي جارت عليهم واعتدت عليهم اعتداءا فظيعا ! على حد تعبيره .
ورداً على حُجّة الكثيرين بأن موقع "ميدان عبد الناصر" هو موقع حيوي واستراتيجي في عمّان، وإغلاقه يعطّل حركة الناس ،يقول العجلوني أن الحركة في دوار الداخلية لم تتعطل !! فالمعتصمين لم يخرجوا عن (الرصيف) تحت الجسر، بل قاموا بضبط المكان ،واستغلّوا ساعات الفجر الأولى لتنظيف المكان ،بما فيه (مبنى محافظة العاصمة)المقابل للدوار !
بل من أغلق الدوار ،وأعاق الحركة ،هم "البلطجية" الذين حتى بعد الاعتداءات مكثوا فترة لا يستقل بها على الدوار ، بالتطبيل والتزمير ،وكأنهم انتصروا على عدو !! وذلك لساعات متأخرة من الليل ،دون أن يحاسبهم أحد !!
أما رؤية العجلوني إجمالا لموقع "ميدان عبد الناصر "فهو يرى أن اختياره يحسب لتنظيم الحركة لها وعليها.. لها "أنه موقع استراتيجي ،في مكان قريب لكثيرين من الناس ،في العاصمة عمان ،ومن السهل الوصول إليه ،واستطاع المنظمين أن يصلوا لعدد أكبر من الناس عن طريق هذا الموقع بالذات،ومن الممكن أن يدفع هذا التجمع في هذا الموقع لاستجابة أسرع من الحكومة،حيث يعتبر أن اعتصامهم في مكان مفتوح وغير استراتيجي ،لن يدفع الحكومة للاستجابة إلى المطالب بسرعة أكبر.. واشار هنا إلى أنه لم يكن مع المنظمين ،وتمنى لو أنه نال هذا الشرف .. وأما ما حُسِب ضد التحرك باختياره لميدان جمال عبد الناصر فكان السبب الاقوى لدى العجلوني "أنه مكان ضيق وغير مناسب لوجستياً" حيث أن المعتصمين لم يتمكنوا من إغلاقه على سبيل المثال ،وحماية أنفسهم وقت الهجوم ..
وحين طرحت قضية المطالب التي خرج بها تحرك "شباب 24 آذار "وكيف تقييمه بالطابع العام ، فهنا يرى العجلوني عدة أمور ،أولها أن اختلاف المعتصمين نفسهم على بعض المطالب هذه سنة بشرية جارية الى يوم الدين، وهذا إن دلّ على شيء ،فهو يدلل على أن الشريحة التي خرجت للاعتصام تمثل أطياف متعددة للشعب الأردني ،باختلاف توجهاته وأفكاره ،وهذا ما ظهر من خلال أنواع وأطياف ومشارب الشباب المعتصمين هناك .. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ،يصرّح العجلوني أنه شخصياً لم يكن موافقاً على بعض الشعارات ،وخالف بعضها ايضا، بل وغضب من بعضها !! ولكنه كان يؤمن بأن كل وجهة نظر يريد أي أحد أن يستخدم "الميكروفون" ويلقيها في الاعتصام كان المجال مفتوحاً له بامتياز ، مع ضرورة الالتزام بعدم التجريح أو التخوين أو التشخيص أو احتكار الوطن !!
كما أوضح العجلوني بأنه يعارض فكرة "اسقاط الشخصيات"مثلما طالب المعتصمون ،وإنما يطالب هو بضرورة "تغيير السياسات" لأنها هي المحرك الأول والأخير لأي شخصية قد تستلم اي موقع حساس !!
وحيث كانت الملاحظة الابرز هو غياب القيادة عن الساحة في الاعتصام ،يقول العجلوني "إننا قد سئمنا القيادات الفردية النمطية بسياساتها القديمة ايضاً ،ونحن اليوم نحتاج لقيادة جماعية وهذا ما فعله تحرك شباب 24 آذار ،كان التنظيم قوي ،وشمل تجمّعاً لعدة مشارب وتوجهات اردنية ،هذه المشارب والتوجهات والأطياف ،هي التي شكلت القيادة الجماعية للتحرك ...
وختم العجلوني حديثه بأن الوطن للجميع،لكل ما ولد فيه وعاش ،وكم من أردني من اصل "غربي النهر" عاش وقدّم لهذه البلد الكثير، كما الأردنيين من أصل "شرقي النهر" تماماً..والمزاودة على الوطنية خطٌ أحمر لا يتجاوزه عاقلون !! فالسعي للتغيير والغصلاح ،مطلب وطني شامل ،ويصب في مصلحة الجميع ،إلا مصلحة ذلك الذي انتمى لذاته قبل وطنه !! ونحن اليوم بحاجة لتحمل مسؤولياتنا تجاه الحرية التي نطالب بها ، كما من الضروري على شبابنا اليوم ،التحلي بالصبر،وسعة الصدر وروح المبادرة والايجابية ،لأن الطريق في اولها !!
هذا ويذكر أن الأسير المحرر سلطان العجلوني ، كان قد بدأ تحركه للمطالبة بمقاضاة الذين اعتدوا عليه في أحداث الجمعة ،ولكن اليوم يعلن تنازله الصريح عن حقه ،وذلك من باب تطهير النفوس وتطيبيها ، بمحاولة جادة للمّ الشمل ،وإصلاح القلوب.
صفاء الزغول
29-3-2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق