الأحد، 20 مارس 2011

"الكرامة" وسلطان العجلوني


على ميعاده،ها هو يحل بجامعتنا الغالية ،جنوباً حيث كلية الهندسة ذهبت أسرع الخطى ..وتلك الأيام ترافقني بحجم لهفتي !

كنت في السابعة عشرة من عمري عندما سمعت قصته لأول مرة ،وخشع سمعي لمعلمتي إذ تقول : "كان عمره 17 سنة يا صفاء لما قتل الجندي اليهودي !! واعتقل ،وضل بالسجن قد عمرك كمان ! كيف تيجي تقوليلي تعبت ؟؟ "

الاسير الأردني المحرر "سلطان العجلوني" ثارت ذاته في 1990 مع انتفاضة الاقصى الأولى ،حيث كان يبلغ من العمر 17 عام ،يقوم هذا البطل بحمل سلاحه لأول مرة ويعبر نهر الأردن الأشم ،ويُشْهده على مروره في كل ذرة من ذراته .. أنني عبرت !

يعبر "العجلوني "النهر ويدخل الى ثكنة عسكرية اسرائيلية ليرى العلم الاسرائيلي الغاصب ،يرفرف على أرض "اسلامية عربية مقدسة " يصعد سريعاً  يسعى لانزاله،حتى تبرق أمامه نظارة جندي ،فينرجل على مرامه ،ويطلق الرصاصة الأولى في حياته لتقتل هذا الجندي !!


يشتبك مع كثير من الجنود،حتى يحكموا السيطرة عليه ويعتقلوه !!
سبعة عشر عاماً ،إلى الآن وحتى بعد لقائي به ..لم أستطع استيعاب فكرة السنوات الأولى له في المعتقل ،وكيف قضاها ؟؟ مع أسوأ أنواع التعامل البشري على وجه الكرة الأرضية ..كيف كان قلبه ؟؟ وكيف ثبت ؟؟ "لله في خلقه شؤون " !

"كلٌ يكبر بحجم قضيته " يجيب على سؤالي .. ولكن ربما أنني بحاجة الى مزيد من الوقت لاستيعاب حجم قضيته !!
يقف العجلوني أمام حشد من الطلاب في الجامعة الاردنية يحدثنا عن "الكرامة " التي يتشدق بها الكثيرين ممن يسمون "الوطنجيين " كما سماهم العجلوني ، ووالله لنحن أولى بها منهم !

قوة ،ثبات.. درر من الكلام ،لست وحدي من ارتجف الفؤاد بين جوانحه حين رأيناه، خصوصا مع قلة أمثاله في وقتنا الحاضر..


الحدث ،وما بعده ،أبجديات الثورة ،الوطنية وتعريفاتها ..معركة الكرامة ..المعتقل ، التعليم خلف اسوار السجن ، والكثير الكثير من الأمور التي تطرق اليها أستاذنا ، وينشرح الصدر منك إذ ترى التفاعل الطلاب الرهيب ..وحق لنا ذلك مع هذا النموذج ، حتى وإن كان الأمن الجامعي شاركنا هذه الندوة الرائعة ^^

يذكر "عميد الأسرى الأردنيين " عدة محاور تلزمنا اليوم لنستطيع أن نصل للكفاءة في التفكير الذي كان يحيا بها قبل أن يصل الى سن ال 17 من عمره ... وأهمها الوعي ..المعرفة والبحث ..والتاريخ !!

من إحدى الأشياء العجيبة التي ذكرها ،أن الأسير الجديد يقدم له إخوته أشياء رئيسية لدى دخوله وهي (( فرشة ،لحاف ، ورقة ،وقلم ! ))

ورقة وقلم ،هما الزاد الوحيد في الأسر ..فكيف نتركها نحن ؟؟
وبعد أن استطعت البوح بما في جعبتي من الاسئلة خصوصا عن ثباته واستمراريته بعد الخروج من الأسر ،وفكرة "الوطنية" في مجتمعنا الأردني ..  كان جوابه " حرام ..لا تظلمي الوطنيين ،وفرّقي بين الوطنية ،والوطنجية ...وخصوصا عندما قال : "الأردني والفلسطيني كالعينين في الوجه ،والوالدين في البيت ،والشهادتين في الدين " ...   البقية في الفيديو





أفكر في طريقة أتعرض فيها لما ذكره العميد ..ولكن يصعب علي ذلك ..فهناك من الناس ،من يعجزون الأبجديات بحثا عن كلام يليق بهم وبوصفهم ، والبطل العجلوني من أهمهم !!

رضي الله عنه وأرضاه ،كم بعث فيّ من الهمة والعزم وتجديد النوايا .. وتبقى الكلمة التي قالها خالدة ..

(( أعجب كيف استطعت أن ألتحق ب 11 أخ وأخت لي في البيت بعد 17 عام اعتقال ..وتركت خلفي 11 ألف أخ وأخت من الأسرى والأسيرات في السجون ؟؟!! عسى الله أن يُشهد نهر الأردن علينا جميعا في المرات القادمة ! ))

ياااا رب



صفاء الزغول
20-3-2011

هناك تعليقان (2):

  1. نسال الله تعالى ن يتقبل منه جهده وجهاده
    وان تكون هذه السنوات التي قضاها في الاسر فرجا وخلاصا له يوم القيامة ........
    التقيت بالاخ العميد مرات عديدة... فرأيت الشموخ وحسن الخلق والحس المرهف الصادق .....
    برؤيته والحديث اليه تشعر بالشموخ والمعنى الحقيقي للكرامةوالنضال والتضحية ..فهو خير من يتحدث عن هذه الامور وليس من يدعي ذلك ...
    جزاك الله خيرا اختي الفاضلة على جهودك ونسال الله تعالى ان يزيدك همة فوق همتك ...

    ردحذف
  2. أكرمكم المولى أخي خالد ،ورضي عنكم .. هو فعلا كما ذكرت، مشكور على المرور .

    ردحذف

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "