الأحد، 15 مايو 2011

حكايا همة 4 _خطوة_


عام كامل كان قد مضى في هذه الجامعة،لم أجد من أضرب على أوتاره فيعزف لحني الجميل،ولربما لإنني وجدتُ أنغاماً كثيراً تشبهني خارجها،عزفت عن البحث في الداخل !!

حتى كان رمضان في العام الماضي،بعد انقضاء عام متعب وشاق..كثيرة تلك الاسئلة التي كانت تراودني في ذلك الوقت،ما الذي تريده هذه الفتاة مني ؟؟ أجدني أذكرها في دعواتي الحرّى ولا أدري لماذا ؟؟ ابعث لها برسالة قبل فجر السابع عشر من رمضان.."ذهب الرقاد فحدثي يا همتي،ان العقيدة قوة لا تهزم! " لا أدري ما المعنى الذي ابتغيته،ولا أدري لماذا أخترت رقمها بالذات !!



كثيرة تلك التفاصيل التي تمر أمام نافذتي الصغيرة في سكون هذا الليل !! تبعثر كياني،تشتت شملي..فلست أعرف كيف؟؟ وأنّى لي بها ؟؟!!
والتقت الأرواح ..كما شاء المولى ،على غير ميعاد كالعادة، 6ساعات كان اللقاء الأول لي معها..استفاضات من حديث،لم أجرؤ يوماً أن أحدّث به نفسي ..فكيف أحدّثها به ؟؟ وبعد فترة وجيزة ،أُنهي دراسة المستوى الثالث لعلوم بيت المقدس،في نفس الوقت الذي يُفتح باب التسجيل للمستوى الدراسي الاول،فألحيّت عليها لتكتشف هذا البحر،وتدخل عالمي،حتى لو بمجرد لحظة!!  وفعلت !

الساعة الواحدة بعد منتصف الليل يرن هاتفي " تضج في قلبي آلام وآمال ،عاجز لساني عن وصفها!! للمحاضرة وقع زلزال! صفاء.......... أعجز أعجز عن التعبير ،سيبقى ما في قلبي كثييير وما حدث أعمق .......... Du3a2 bawab"



إذا سألت مزارعاً عن شعوره يوم حصاده ،ستكون فرحتي بهذه الرسالة مضاعفة ! فهو إنجاز لم أعهد مثله !!
فقد كانت مجرّد حكاية ،تداعبنا فيها نسمات الليالي.. وأصوات أزرار لوحة المفاتيح ،ما بعد الساعة الثانية عشرة من مساء كل يوم !

ولكن همة دعاء جعلتها تشرع باستكمال المستوى الثاني لهذه الدراسات،في نفس الوقت الذي كنت أخطط فيه مع صديقتي المقدسية "ريم عليّان" مشروع تخرجها، حيث كانت تفكّر باي شيء يخدم مجال دراسات بيت المقدس ..وقد فعلت ..ونترقب بشوق انطلاق مشروعها الراقي ايضا :))

اقترحت عليها أن اسهم معها،ولو بالشيء القليل ،فهذه بركة لا أظن أنني سأحوز على مثلها يوماً ما ! سريعاً ما خاطرني طيف "دعاء" فكثيراً ما كانت تذكر لي أنها تطمح لعمل مشروع تخرّج "غير عادي " ومن الضروري أن يحمل فكرة ..وهم!!





فقررت أن اقترح ....................
.........................................
.........................................
.........................................


تمر الساعات ...وأواااااه ما أكثر التفاصيل ..

القرار: موسوعة الكترونية لدراسات بيت المقدس على شكل محرّك بحث !

لأول وهلة في التفكير،كان مجرّد حلم،ولكنني أكتشف أن كثيراً من الحقائق كانت مجرّد أحلامِ يوماً ما !

"دكتور عبد الله ..نحتاجك في كذا .." ونلتقيه ،ويفتح أمامنا في أول جلسة امتدت لما يقرب من 4ساعات،أفاق وأنهار من افكار لا ضفاف لها !!



ننطلق...

بحث،تحرّك،تخطيط،كتابة كود، يتعثّر ،نسقط،لقاء متجدد مع الدكتور عبد الله ، تفكير في عمل مستقبلي ، اكتئاب ، ضغط وقت، صراع أحلام ، ضيق افكار ، تعب ، إرهاق جسدي ،حمل زائد ، أيــــام لا تنقضي ، الفضاءات تتقلّص ، المسؤولية تكبر .......................

دورات، محاضرات،مشروع النهضة ، جبل القلعة ، النسكافيه ،المكتب الإعلامي ، المشي ، المشاكل ، السهر ،صلاة الفجر، مسجد الحسين ، وسط البلد،الداخلية، خلدا ، الصويفية ، الرضوان ، الاشرفيه ، الجوفة ، العبدلي ، الملتقى ، الشميساني........................ كلها ستشهد..فهل تذكرين ؟؟

كلما حاولت أن اصف ،تبهت كلماتي ، كنا نمضي على يقين ،أن ما يحيط بنا من ظروف اقلها عنف الاشتياق ،وقهر البعد ، اقل بكثير مما يلزم للجزم بأي شيء ،والمغامرة هي الروح التي تروينا ...



جمال العمل لأجل القدس ،بإعطاءه الكلّ منا،وأن تؤمن بما تفعل خطوة،لكن أن تفعل ما تؤمن به فذلك إنجاز ! إيمان المرء فينا أنه أقدر أهل الارض على فعل ما ارتضاه المولى له ،عقيدة نتفيء ظلالها ،جميل أن تعلّم ، وجميل أن تتعلّم .. لكن الأجمل أن تجد من يسير الدرب معه، ودعاء رافقتني ..فكانت خير رفيق !

اليوم ... 15/5/2011 يحيي العالم ذكري نكبته ،لا نكبة فلسطين لوحدها ، ونحن نحيي فكرة نحملها إلى الارض اليباب.. وها قد وصلنا أخيراً إلى نقطة البداية ! ووالله لا اروع من الخطة ..إلا دقّة تنفيذها !!
الحمد لله ... الحمد لله .. الحمد لله ..



"قدسايكلوبيديا" الموسوعة البحثية لدراسات بيت المقدس ..ترى خطوط النور الأولى ،بعد الولادة العسيرة .. ولكن "دعـــاء ،وابتسام " يمضون اليوم بقوّة ..

نخرج من عالم إلى عالم .. نرنو للشمس ، ونواعدها في أحلامنا الغافية .. نسير برحيق الإخلاص والهمة ، قد نتعب ..ولكننا لن نقف ..
لإن الوقوف نوع من اليأس والخنوع ، وتعب مع عمل _وإن كان ليس كما نريد_ خيرٌ من تعب مع الواقفين على هامش هذا الزمان ،ينتظرون يداً تحركهم ،ولكن ...

نسير كما الفراشة ،إذ تطير وهي تبحث عن زهرة لم تسبقها إليها فراشة أخرى ،تظل تبحث ،لإنها علمت أنها ما خُلِقت ..إلا لتتـــعب !
وقطرات التعب لأجلها .. حروف قصيدة لا تلقى إلا في حشد عظيم... اجلالاً وإكباراً لها ، فنُري العالم ..أنها لا زالت تحيا بنا ..كما نحيا نحن بها !

 


أستجمع الكلّ مني ،ولا أدري ..أأبارك للقدس بعودة عُمّارها ؟؟ أم ابارك لصديقاتي شرف العمل لأجلها ؟؟؟ ألف مبارك ^^


صفاء الزغول
15/5/2011




الخميس، 5 مايو 2011

أدوات الوصول_2_

أدخل اليوم عامي الثاني في دراسات بيت المقدس ، والذي اكتشفت ان التاريخ هو المكان الأنسب لي ،فلا أرى شيء يصنعني بهذه الشخصية مثل دراسة تاريخ القدس ،خصوصاً مع انتهاء دورة جديدة في المفاصل التاريخية للقدس بالأمس مع الدكتور عبد الله معروف_دكتور دراسات بيت المقدس _ .
 مراحل نوعية كثيرة تلك التي مرت على منهجية تفكيري ورؤيتي للأحداث ، وأما مع دورة الدكتور جاسم فإضافة جديدة أراها ...وهي موضوع طرحي في هذه التدوينة.


مجمل الأفكار التي طرحتها على الدكتور جاسم ،كانت مستوحاة ابتداءا من الدورات التاريخية المقدسية مع الدكتور عبدالله معروف  وهذه الافكار تتركز في ثلاث نقاط رئيسية ،أولها الولوج على التاريخ ابتداءا، وثانيها تعاملنا مع ما نراه "سقطات"في التاريخ ،والثالثة أين نضع التاريخ في المشروع النهضوي اليوم.


إن من أهم العقبات التي تقف أمام ولوجنا على التاريخ وقراءته وتحليله،هي الصورة النمطية "المملة" التي عرض بها على طلبة المدارس والجامعات ، وإغراق الطلبة في أرقام وتواريخ شكّلت العامل الأكبر في ابتعادهم عن مضمون الحدث وقراءته،ثم طريقة العرض الرتيبة أيضاً والتي تتمثل في .. حصل كذا وتبعه كذا ،ثم كذا وكذا وكذا ..........................الخ !



ولا أنكر أنني كنت من أكثر الناس كرهاً ل "كتاب التاريخ" بل وأذكر انني كنت أنتقم من الكتاب شر انتقام مع نهاية كل فصل دراسي !
قراءة التاريخ بمعزل عن "فلسفته" هي المنتِج الوحيد لمثل هذه المشكلة!!


الحل كما يراه الدكتور جاسم والدكتور عبد الله هو التعامل مع فلسفة التاريخ _النظرة التي نحاول ان نكتشف فيها القواعد المحركة للمجتمعات أو الأحداث _ وذلك عندما يدرك العامل  في المشروع الحضاري ان فلسفة التاريخ علم اشار اليه الكتاب "فانظروا كيف بدأ الخلق "


فالتاريخ يوقفنا على أخبار الأمم الماضية ،بل ويجمع الخبرات الانسانية ويُجملها في تسلسل عجيب للأحداث .
وهذا ما نقتنع به بالفطرة،فابسط مثال صاحب العمل ذاك إذ يحتاج شاغراً عنده في الشركة فيكون الطلب الأول "السيرة الذاتية" أي ما يمكننا تعريفه ب "الذاكرة التاريخية" للمرء ،وعليها يكون التقييم !




وإذا أدرك القارئ قيمة الولوج على التاريخ وشرع في الترحال فيه،فهنا ننتقل من مرحلة الدخول الى مرحلة "التعامل مع التاريخ" والأدوات التي نرفع بها مستوى كفاءة القراءة والتحليل .
إذ أنه لا يمكن إنكار الفجوات التاريخية ،والبقع المظلمة فيه ،فالأولى تفتح باب السؤال ،والثانية تفتح باب الألم !!


أما الفجوات فقد تنتج بسبب فقر في النصوص التي تروي الحدث وتفصّل فيه ،وعليه فإنها تسبب مشكلة لنا في حال أردنا أن نأخذ مقاطع تاريخية لنسقطها على واقعنا ! وهذه قصة لوحدها !!
فدقة الفهم والتحليل توصلنا في بعض المقاطع التاريخية الى طرق مسدودة ،لأننا نصادر على الناس في ذلك الوقت تفكيرهم ،ونطلب منهم التصرف بناءا على تفكيرنا نحن !!


كثيراً ما كنت أتخذ اسلوب التبرير ،والبحث عن "ماورائيات "الأحداث لدرجة تبعدني عن أخذ الحكمة والتعامل مع الحدث ذاته!! وهذا يفقدنا رونق القراءة والتحليل ..



وأما التعامل مع البقع المظلمة فهذا يحتاج الى فن وسعة صدر..
فعندما نقرا أن صلاح الدين قسّم الاراضي المستعادة بعد فتح القدس على ابناءه وابناء عمومته ،ونقرأ عن سيل من النزاعات التي أدت إلى سقوط القدس 3 مرات في يد الصليبين في الفترة الايوبية لوحدها التي لا تتجاوز 70 سنة في القدس على أبعد تقدير !!

ستكون الصدمة بالغة جداً على القارئ ،ومتعبة له في طريقة عرضها على العامة !! لكن دارس التاريخ يلحظ أن" الاختيار الوظيفي " للحدث يتحكم في زوايا عرضه،فمنهم من يأخذ زاوية التبرير فقط،ومنهم من يُغرق في التحليل ،ومنهم من قد يقع في شَرَك إما التقديس والتنزيه أو الذم والتدمير !! والجمع بين الزوايا بالنظرة الشمولية أولى !


إقرارنا أن اي منهج هو جهد بشري قابل للخطأ يحل مشكلة ..وقبولنا بقاعدة أن الانسان يصنع خياله من الموجود حوله يحل مشكلة أيضاً ،ويقيننا أن تلك المجتمعات كان لها أعراف خاصة لا تشبه ما نحن عليه اليوم سيحل مشكلة أيضاً !!

أما عن كيفية تفعيل التاريخ في المشروع النهضوي الحضاري اليوم ،فلا بد أن نكسر حاجز التعامل مع التاريخ بأبسط قوانينه،وأن يكون لدى متخصصينا نظرات مختلفة لزوايا متعددة في نفس الموضوع ،وهذا سيعزز من معالجاتنا للحدث والاستفادة منه!

ولا بد أن نوسع إطار المرونة ،الذي يغير من نظام القناعات المرتبطة بذاكرتنا التاريخية،وأن نستثمر القوة التي يطرحها المعنى ،لا الفعل نفسه،أن نفعّل الدقة في منظورنا بدون تهويل أو التهوين للحدث ،فكل ما يحتاجه اشتباك المعاني هو فهم يقود إلى ضبطها ،وأن تكون مساحة أحكامنا عريضة في التاريخ ،وليست كالسيف..إما الابيض أو الأسود فقط !!



أرجو أن تكون الصورة جليّة ،وأما التالي فسيكون أكثر قرباً من واقعنا الحالي ،بين الامكانات والتطلعات !


دمتم بخير وهمة
صفاء الزغول
6-5-2011


الأحد، 1 مايو 2011

أدوات الوصول (1)

بعد أن أخذت قسطاً مهما من الوقت،لتجميع سيل الأفكار الذي اجتاجني مع دخول مشروع النهضة والدكتور جاسم حياتي ،أخرج اليوم بمجموعة من القناعات والأفكاروالمفاتيح التي لا بد أن تحيط بأي شاب يبتغي صناعة مجدِ جديد لأمته ،وانجاز المشروع الحضاري الذي كلفنا المولى سبحانه وتعالى به ،في إطار العمل الجاد للوقوف أمام مسؤولياتنا بعد أن تخلى عنها كثيرون ..

في هذه التدوينة،سأتعرض الى ابرز ما وصلني من الدكتور جاسم فيما يتعلق بتعاملنا مع القرآن الكريم، كان ذلك عندما طرحت عليه سؤالي "بأن هناك بعد عن القرآن الكريم كبير في أمتنا ،ونجد ذلك حتى بين القائمين بالمشاريع النهضوية اليوم ،فلماذا هذه الفجوة؟ ولماذا غدا المصحف زينة في البيوت لا يتجاوز أكثر من ذلك ؟ "


عندما اتخذ حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام،القرآن الكريم ك"كتالوج" لبناء اضخم مشروع حضاري عرفته البشرية ،كان كذلك ..وعندما نتخذ من القرآن الكريم زينة في البيوت والمكاتب او هدية لصديق ، سيكون كذلك ايضاً !!

نرى المعضلة الكبرى أن " صالح لكل زمان ومكان " غدت في خطر شديد ، فالعامة لا يؤمنون إيماناً حقيقا على صعيد الارتباط بين حياتهم العملية وتفاعلاتهم معها وبين دينهم والقرآن الكريم على صعيد آخر! ،فالدين بدأ ينحصر في المسجد كمكان ، وفي رمضان والأعياد في الزمان !!

(( الدين نزل كأداة لصنع العظمة ، فما باله اليوم يصنع عظاماً ؟؟ )) سؤال يطرحه الدكتور جاسم كثيراً .


الفجوة الحقيقة بدأت بالظهور ،عندما ضعف المنهج الرابط بين النص الخام من جهة ، وبين عقل الإنسان العامل على هذا النص من جهة أخرى ،فاجتهاداتنا اليوم وآراؤنا عبارة عن استخلاصات من عقول عاملة على النص ،  ثم نستخدم المنهج البشري بالعمل عليها !!

نأخذ ديننا من المنابر ،ومن أقول وآثار واجتهادات السلف ،دون أن نضع بعين الاعتبار أنها اجتهادات تأثرت بواقع خاص تشكّلت من أجله ،وأثّرت في اطارها الضيق في الزمان والمكان ايضاً !!




غفلنا عن كثير من القواعد الضرورية في تعاملنا مع شريعتنا ، خاصة مع قاعدة " صحة المتن لا تعني سلامة الاستنتاج منه ! " الاشكال الذي نقع فيه ،بعدم التفريق بين المنهج والمنتج ! وكلٌ يأخذ من القرآن ما يناسب عصره ،والله عز وجل وضع في النص ما يناسب كل زمان ومكان ..فباي حق نؤطّره كما نريد ووقتما نريد ؟؟

الدكتور جاسم يرى أن نظام القناعات الشخصية ،عادة ما يتشكل من سلطة القديم ،وسلطة القائم ،والقرآن الكريم تعامل مع السلطتين بوضوح بالغ..

فسلطة القديم (مجموع الأفكار التي اكتسبت شرعيتها من خلال أناس، أو شخصيات لها وزنها في المجتمع) التي كانت المعضلة الأكبر التي تواجه الرسل والأنبياء مع أقوامهم قولهم "بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون " _بالضبط كما نفعل نحن اليوم !! _ فيأتي رد القرآن الحكيم علينا وعليهم .. " أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ " !!!

نحن لا نقلل من أي اجتهاد لأي عالم من علماء السلف الصالح ، ولكن عندما يصبح تعاملنا مع آراءهم أو مع شخوصهم ،من منظور "مقدّس " هنا تتولد المشكلة التي لا تختلف كثيرا عن " إنا وجدنا ىباءنا على أمة ! "



اما تعامل القرآن الكريم مع سلطة القائم(التي تحرس أفكار سلطة القديم، وهم بذلك يحمون مصالحهم ، ويعيدون إنتاج الأفكار القديمة القاتلة في البيئة الحديثة المعاصرة)  فكان الرد على اي ادعاء "قل هاتوا برهانهم ! "

الخلاصة التي وصلت إليّ أن مشكلتنا الحقيقة هي في القراءة التجزيئية للقرآن الكريم ،فكل فرقة أو اتجاه فكري يجد له نص واضح في القرآن الكريم، مثلاً ..التيار المتشدد يجد " فاقتلوهم حيث ثقفتموهم " والتيار المتساهل يجد " وان جنحوا للسلم فاجنح لها !" ولكن الآيتين في قرآن واحد ..فكيف يعيب الأول على الثاني أو العكس ؟؟

الاجابة بسيطة ، اننا نفقر الى القرآءة الكية للقرآن الكريم !.. ومحاولة الحصول على فهم كلي للنص ، يذكر أن الفكر المقاصدي تعامل مع هذه المشكلة ،لكن لا بد حتى مع المقاصد أن ننتبه الى أنها ليست جراباً نضع فيها ما نشاء ،كأن نقول أن المقصد من آية الحجاب السترة ،فإن تحققت فلا حاجة لغطاء الشعر !

كما أن المقاصد ليست مظلّة نسقطها على النص ،وإنما تستخرج منه ..
قراءتنا للنص قصة لوحدها ، فالقرآءة ليست فك الحرف فقط ،وإنما فهم العالم كما اراده مولانا "اقرأ باسم ربك الذي خلق "
عندما تعاملنا مع القرآن الكريم ،بالتلاوة وتجويد الصوت وحسب ، خسرنا الكثير من المعاني الواضحه مثل الشمس !!




لا بد أن نكسر الحاجز بين خوفنا وتوجّلنا من الدخول على النص ،بما نحن عليه ...ثم نتخذ من القرآن الحكيم ،بوصلة لحياتنا وتفاعلاتنا معها ،ليست دعوة لنسف اجتهادات السلف ،ولا إعادة البناء من الصفر ، وإنما ذكاء في التفريق بين المنهج والمنتج،بين النص ومخرجاته ودلائله وتأثيراته على واقعنا ...

******************

في خضم الحديث بهذا الموضوع مع الدكتور جاسم ،رشّح لي الاستزادة من الدكتور أحمد خيري العمري ، وخاصة كتاب "البوصلة القرآنية " وهو من أحد أهم العاملين الاذكياء على النص القرآني وقرآءته بطريقة جديدة ، تعيده الى مكانه الاصلي في صناعة حضارة الأمة !



                                       (( موقع القرآن من أجل النهضة ..))

التالي سيكون عن مسار الأحداث والذاكرة التاريخية لأمتنا بتعاملها مع الدين ،وكيف نفتح عصراً جديدا للنهضة ..



صفاء الزغول
1-5-2011

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "