الجمعة، 23 ديسمبر 2011

الربيع العربي في الجامعة الاردنية



منذ بداية هذا العام ..أخذت على نفسي عاتق الوقوف مع المظلوم في كلّ حدبِ وصوب على وجه البسيطة..بعدما رأيته من استقتال لدفن القيمة المطلقة "الحرية" ..بل وتسميتها بأي مسمى ديني أو سياسي يحيدها عن معناها الحقيقي ..


فعندما انتفضت تونس..كنتُ أراقب عن كثب ..في ثورة مصر دخلتُ الساحة بوجل ..في ليبيا كان الوتر الحساس لديّ ..في اليمن "ثورة الحكمة" كنت أفكّر كثيراً وأتابع وانشر..في سوريّا ..وقفت ويكأنني سوريّة..في المظاهرات والاعتصامات ومتابعة الأخبار..




اثق أنّ الحرية قيمة مطلقة..والحدود لا تعني شيئاً أمامها.. وهي رزق لا تأتي بميعاد..بل تأتي لمن يعمل لها فقط !


في يوم الخميس الموافق 22/12/2011 وفي نهاية هذا العام المليء بالأصوات الهاتفة بالحرية ، وأصوات "البلطجيّة" و "المنحبّكجية" على اختلاف الروايات في البلدان المنتفضة ..تجري انتخابات طلبة الجامعة الأردنية ..
ما يقارب من 26 ألف طالب وطالبة يحق لهم الانتخاب _حسب كشوفات الانتخابات الرسمية من الجامعة_ انطلقوا يصوّتون في كليّات الجامعة المختلفة منذ الساعة التاسعة صباحاً ..


منذ بداية الحملات الانتخابية قررت أن أتنقّل في أرجاء الجامعة كاملة يوم الانتخابات ..اريد أن اعرف ما حال الطلبة بعد هذا الانتقال الهائل في طريقة التفكير على مستوى العالم .. كيف سيؤثّر الربيع العربي على تفكير الطلبة ؟؟ بأيّ حال سيستقبلون ما يسمّى "بالاختبار الديومقراطي" إن صحّ التعبير ؟؟ 




بدأت الرحلة من كليّة تكنولوجيا المعلومات _كليّتي_ وجدت جموع هائلة على أبواب غرف الاقتراع المختلفة..الجميع يتحدّث مع الجميع.. ألقيت السلام على الكثيرين.. ولم أكن أنتبه على "الباجة التي يحملها الشخص" والتي تعبّر عن الشخص أو التوجّه الذي يدعمه ..وكنتُ سعيدةً جداً بأنني أحمل باجة "صحافة" :)


تحدّثت مع المرشّحين على اختلاف أطيافهم ..حاورتهم وسألتهم عن خططهم، لا يوجد أحد منهم يريد أن يخوض هذه التجربة لمحض التسلية.. مع أنّ التباين في قوّة الاجابات واضح جداً .. أحدهم يقول : " رسالتي تتعدى مقعد اتحاد..ولكنّه وسيلة ولا بد أن أحاول الحصول عليها" .. والطرف المقابل يقول : "الشباب مظلومين في القسم صرلهم كم سنة.. لانو اللي ماسك الاتحاد بنت! " 


أحدى الدعايات الانتخابات الملفتة للانتباه : توزيع ورد مكتوب عليه اسم المرشّح :)) _ولكم أن تقدّروا تأثير ذلك على الجنس الأنثوي_ !


عندما غامرت للدخول للقاعة لأمارس حقي الانتخابي أوقفني أحد مؤازري مرشح على قسم CIS فقال لي :"شو رأيك تصوتي بروح رياضية"... أجبته :"كيف يعني؟؟" 
فقال : "الروح الرياضية ..يعني انو انتي داعمة لفلانة..وتصوتي للي نازل ضدها ! "..
ضحكت كثيراً وأجبته : "هذا ما يُدعى استهبال مش روح رياضية..الروح الرياضية أن أصوّت لمن أقتنع به ..ولا أجعل ذلك يحول بيني وبين التواصل أو احترام المنافس ! ".


انتقلت الى كلية العلوم بأقسامها المختلفة.. وجدتُ حراكاً قويّاً .."كيميا" ؟؟ "بيو والا تحاليل" ؟؟ حتى إذا رفعت باجة "الصحافة" لأعلن أنني لستُ من الأشخاص الذين تريدونهم ..
قال لي :"ما بتعرفي حد تحاليل" ؟؟ "ما بتعرفي حد اقتصاد" ؟؟
الاصرار على الفكرة عجيب !
إحدى طرق الدعاية الانتخابية


تذكّرت كلاماً سمعته بلقاء للأستاذ "وضّاح خنفر" في الجامعة قال فيه : "أنتَ في هذا الحرم الجامعي قادر على حمل فكرة حتى بدون مبرر..وقادر على الايمان بها..والتضحية لأجلها حتى بدون مقابل !! ..استغل ذلك كثيراً " ..
هذا حقيقة ما يجري خارج سور الجامعة ..ولكن بقالب أوسع ولربما أكثر نضوجاً في بعض الأحيان ..
السؤال الذي آمل أن أجد له جواباً ..من أين يأتي هذا الايمان؟؟ من أين تأتي تلك القوّة للبذل والتضحية.. والاستعداد للضرب ونزف الدماء _كما شهدتُ عياناً من استخدام العصي في قسم الفيزياء_ مع هذا الشباب ؟؟


لفت نظري شاب على ما يبدو انه مرشّح كنتُ اسير بجانبه حين خروجي من قسم الكيمياء..يقول : "والله مش هاممني اشي..هاممني ال1000 دينار اللي صرفتهم...ولك رسومي 500 دينار يا دوب دفعتهم ..وبالآخر أخسر المقعد وأخسر ال1000 دينار ؟ " ؟؟!!!
لربما تكون هذه قوّة داعمة للفكرة ..لستُ أدري !


نسبة التصويت في كليات العلوم كانت عالية جداً وخلال 3 ساعات فقط من بدء العملية الانتخابية .. الوعي كان واضح"أنا عارف لمين بدي أصوّت ..ما تحاول تقنعني" !! _طالبة تخاطب لجنة مؤازرة مرشّح _ !


واجهة كلية الزراعة




انتقلت الى كليّة الزراعة .. والتقيت بالكثيرين ..وقمت بعمل الكثير من المقابلات..
كنتُ أظن انّ الهدوء سيكون سيد الموقف هناك..لا دراية لي بحراك قوي في كلية الزراعة ..ولكنني رأيت العكس تماماً !
الاقبال الكثيف على التصويت والاقناع والاقتراع كان كثيفاً..لا يوجد "مغز ابره" ما فيه اعلان !


سألت أحد الطلاب الذي يردتي "الحطّة الفلسطينية" عن سير العلملية الانتخابية .. فأجابني : " هذا أجمل عرس ديمقراطي ..الانتخابات لا تؤثّر على علاقات المنافسين ابداً ..والله يخليلنا الأردن والملك !! " !! 
أستطيع أن أؤكد أن هذا ما يحصل في المحافل الوطنية في الاردن !


الدعاية الانتخابية في كلية الزراعة




انتقلت الى غرفة الاعلاميين في عمادة شؤون الطلبة.. وجدتهم يتناقلون الأخبار ..ويتفقون على نفس المصطلحات !
التي تعبر عن سير العملية الانتخابية بيسر وسهولة وديموقراطية عالية جداً !!!
حتى إذاعة الجامعة الاردنية كانت تبث في كل مكان في الجامعة.. حقيقة المستمع إليها سيبقى يحلفُ أيماناً أن الجامعة تشهد أروع عرس ديمقراطي !!


بنفس اللحظة ..تلقّيتُ اتصالاً هاتفياً من صديقتي في قسم اللغة العربية..تخربني عن "ضرب للفتيات" وإغلاق لمداخل الكليّة امام المصوتين من قبل بعض "الزعران" الذين "يدينون بعائلة المرشّح" .._على حد تعبير أحدهم _ !!
ثم تكسير لزجاج المبنى وعمل حفلة كبيرة جداً ..إثر اسقاط "فلكس" أحد المرشحين !!!






لا أدري لماذا تذكرتُ مباشرةً ابتهاج الثوار الليبيين عندما قاموا باسقاط تمثال الكتاب الأخضر أو إهانة صورة القذافي !!
سيارات الاسعاف كانت تمر من أمام مبنى العمادة..والأصوات واضحة جداً ..وأجدهم يطلقون التصريحات أنّ العملية تسير بهدوء وبدون اي اصابات !


قليل من الوقت انتقلت الى الكليات الطبية.. ابتداءا من كلية التمريض التي شهدت حفلات ودبكات عجيبة خلف الكلية..ويرفعون شعارات ترتبط بمناطق في الاردن !


طاولة أحد المرشحين في كلية التمريض




الى كليّة الطب.. وفي مجتمع علمي بحت ..الحراك الانتخابي كان كثيف.. وطالبة تنزل الانتخابات لاول مرة..سألت إحدى طالبات المؤازرة فقالت لي :" لازم تنزل بنت..ليش هو ما في دكتورات؟؟ وبعدين الاتجاه على راسهم ريشة ينزلوا شباب ونحنا لأ " !!!!
ضحكتُ أيضاً ..ودعوتُ لهم بالتوفيق !


قاعة انتخاب كلية الطب-الفتاة تجلس في يمين الصورة




الى كلية طب الأسنان وكان الوضع هادئ جداً ونسبة الاقتراع عالية ..ثم الى كليّة التأهيل..والزفّة في داخل الكلية وفي بهوها..كانت عجيبة..وبأغاني عجيبة ..تتغنّى بفتيات الأردن..على اختلاف المنطقة "من الكرك أو عجلون أو السلط ...الخ" وبالفن الذي يتقنّه هؤلاء الفتيات !!
ولا أدري ما الصلة العجيبة بين فن صب القهوة أو الخياطة عند الفتيات بانتخابات مجلس طلبة الجامعة !!!


بالقرب من قاعة اقتراع كلية طب الأسنان
التقيتُ هناك بصديقة لي من قسم اللغة العربية...فسألتها مستغربةً عن سبب تواجدها في جنوب الجامعة مع أن كليتها في شمالها !!
فأجابتني: "شو بدي أروح أسوي؟؟؟ أغلق الاقتراع في الكلية !! " 


صدمت بدرجة كبيرة جداً ..عندما أخبرتني عن الوضع المزري في الكلية وكيف تم اغلاق التصويت والاعتداء على الفتيات والأغاني البذيئة التي عُليَ الصوت بها هناك !!


إحدى الزفات في كلية الأعمال


وإذاعة الجامعة لا تزال تبث الأغاني الوطنية واتصالات رؤساء الاقسام التي تصف وضع الكليات في أثناء عملية الاقتراع وكيف أنّها تجري بكل سلاسة أيضاً !!




حاولت الاتصال تكراراً بمكتب الاعلاميين في العمادة لأخبرهم عن هذا الخبر...ولكن "لم يسمع مني أحد " !!
توجّهتُ مباشرةً الى المكتب..فوجدتُ الدكتور عادل الطويسي في زيارة للاعلاميين هناك..والجميع اصطف لمقابلة الرئيس..فوقفتُ لأصور المقابلة ..وأصغي جيداً الى ما يقوله الرئيس.. وكانت تصريحاته عجيبة أيضاً !!







أغلقت الكليات ..وأعلن انتهاء عملية التصويت وبدء عملية الفرز .. مع ضجّة في كلية الهندسة وتكسير لقسم الهندسة المدنية هناك..بل وانسحاب احد المرشحين قبل انتهاء التصويت بوقت قصير جداً ..أغاني وهتافات في كليّة العلوم وتكنولوجيا المعلومات ..
اطلاق نار وحفلات بين كليّة الآداب والأعمال .. تكسير واطلاق نار في كلية التربية ايضاً !! 






هذا والجميع بانتظار المؤتمر الصحفي لاعلان نتائج الانتخابات.. كان الصحفيين قد جهّزوا عبارات "الديموقراطية..سهولة العملية الانتخابية"..كما نقل أحد الطلاب من غرفة الاعلاميين !!


مهنة الصحافة مهنة جميلة جداً ..لكن ما جعلني استغرب أنني أحاول تحرّي الصدق والصراحة في حواري مع الطلبة والمسؤولين..فأجد الطلاب يقولون شيء ،وما إن أدير وجهي حتى يقول أحدهم لصديقه .. " كذّبت منيح ؟؟ " !! أو " كيف بيّنت قدام الصحفية؟؟ اوعك تكون عكّيت !! " !!!!!!!!




الفجوة واضحة بين ما يظهر على وسائل الاعلام المختلفة وبين ما يكون حقيقة على الأرض .. بإرادة الصحفي أو بعكس إرادته ..
أيّ وجه ذلك الذي يرتديه الناس أمام كلمة "صحافة"؟؟ معّ ان الكثير منهم يعرفني كطالبة لا كصحفيّة ومع ذلك أجد اللهجة مختلفة أمام تلك " الباجة " !


لا استطيع أن أحمّل الصحافة مسؤولية ضعف الوعي الذي شهدته في الجامعة بالأمس .. تكسير المباني ورفع الشعارات العنصرية في الكليات ينمّ عن قصور في الرؤية لدى الكثيرين ..





لو كان حملة الشعارات العنصرية يعرفون "الأردن" وتاريخها حقيقة.. أو يعرفون "فلسطين" وتاريخها حقيقة .. لما رُفعت هذه الشعارات بهذه الطريقة !! 
التاريخ صنع لدي من اليقين ما يكفي أن الاعتراف بالحدود بين هذين البلدين تحديداً غباء مجتمعي مستفحل ! لعمق الرابط التاريخي بينهما !!




فكرة العشائرية جعلتني أوقن أنّها ساذجة وغير قادرة على حمل قواعد رسالة سامية !! _هناك فرق طبعاً بين العشائر والعشائرية_ .

أن أختار فلان ليمثّلني لأنني أعرف أنّه "يصلّي" فقط..هو غباء أيضاً ..لأنّ هذه صلة بينه وبين ربّه وليست صلة بيني وبينه !
أن يترشّح أحدهم لطابع "ذكر وانثى" هذه سذاجة غير مبررة أيضاً ! يمكن فكرة العشائرية مبررة وان كان تبريرها غير مقنع ..بس حتى ذكر وأنثى !!




الشباب يستطيع خلق ايمان بشيء من لا شيء.. ربما هذا غرس ربّاني في الروح الشبابية.. فما بالنا اذا استطاع ان يحمل فكرة أو آيدلوجيا معيّنة ..كيف سيكون حاله ؟؟!


لا يمكن أن أستغرب مما رأيته في الكليات الانسانية بالأمس من دخول لملثّمين واشكال "يستحيل أن تكون طلاب" .. بعد أن رأيت بلاطجة " دوار الداخلية " ايضاً !
من السهل أن أستوعب ما فعلته "اذاعة الجامعة" والعرس الديمقراطي الذي كانت تبثّه..بعد مافعلته "قناة الدنيا" في تغطيتها للثورة في سوريا ، مع نزف الدماء المهول هناك!! 




الجامعة.. وجه عملةِ مصغّر لما يجري في المجتمع ..ولا يمكن لسور الحرم الجامعي ان يفصل حقيقة بين ما يجري في داخل الجامعة وخارجها..
الشباب بحاجة لبذل جهد كثيف لاستيعابهم واستيعاب أفكارهم أو حتى توجيهها.. وليس تقديم الخدمات الأكاديمية او البنى التحتية في الجامعة وحسب !!

أبارك لمن نجح في انتخابات الأمس .. وابارك لمن يستطيع أن يستكمل رسالته بمقعد الاتحاد أو من غيره.. وأعد "التائهين" أن هناك تياراً لا بد أن يصل لهم !! وأعد "قيادات الإفساد" أن تيار الحريّة ليس ببعيد عنا...سنكون يا JU وستكونين !








صفاء الزغول
23/12/2011





الخميس، 10 نوفمبر 2011

أنا يا عمّي مش مثقف !



من بعد الاستئذان من الثورة || أنا يا عمي مش مثقف ! ||


"يمّا..هي الثقافة بتخلي الواحد ما يعرف أمه ؟؟ بتخليه على طول بغرفته وجهه بوجه القلم والورقة يمّا ؟؟ "


صمتُ كثيراً ولم أعرف كيف أردّ على والدتي ..فكّرت !
"لا والله يمّا ..انا مش مثقف ! "


بئس الثقافة تلك التي تجعل من المرء آلة لا تعمل الا بالقلم والورقة !
بئس الثقافة التي ترفع حواجز المصطلحات المدججة أمام الشيخ العجوز والفقير ..وابن الشوارع !
بئس الثقافة التي تجعل وقتنا اسيراً للكتب ..مع أنّ الحياة أرقى من الفكر !!
بئس الثقافة التي تُخجل المثقف أن يذكّر أصحابه بصيام الأيام الثلاثة البيض من كل شهرِ هجري !
بئس الثقافة التي تمنع المرء من التسكع يوماً كاملاً مع الأهل والجيران !!
بئس الثقافة التي تمنع صاحبها من الخروج في مظاهرةٍ نصرة لله وللإنسان في سوريّا !!!


أيّ ثقافة تلك التي تأتي براحةٍ رغيدة لأصحابها ؟؟!! الكتب متوفرة ..السيارة متوفرة..ثمن الكتب متوفّر .. بس "مشاااااان الله إقرأ ! " 
أي ثقافة تكون إذا كان الكذب شعاراً لصاحبها ؟؟
أي معنىً لثقافة تسمح ب"الغزل العذري الملحق بأخي أو أختي " ؟؟؟


أي ثقافة تجعلنا نستنسخ عقل الكاتب ؟؟ أو حتى عقول المثقفين ؟؟!!
أي ثقافة تلك التي تصنع من أصحابها "حزب المثقفين" ؟؟ 


عن أي ثقافة نتحدّث ؟؟!! تلك التي تجعلنا أسيري مواقع "الرغي" الاجتماعي .. _الا ما رحم ربي_ ؟؟!!


أي ثقافة برجوازية ؟؟ وأيّ نخبوية _فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع _ تلك التي نعيشها ؟؟!
أي ثقافة تلك التي تمنعنا من حسم المواقف بدعوى "حرية الرأي والراي الآخر" أو "الحوار" ؟؟


يبدو أنني أخطأت العنوان تارة أخرى ..هربت من أجواء "الحزبيين" و "الأحزاب" لمنطيتها وقصورها عن الخروج بمشاريع تحاكي الواقع.. لأقع في حزب "اللاحزب" !


لا يا عمّي...بطّلت مثقف !!!
وعلى قولة "أحمد الزعبي" .. " غطّيني يا كرمة العلي...آبيش فايدة... !! " 


وقوموا الى ثورتكم بلا هالرغي المصدّي.. اثابنا وأثابكم الله !


صفاء الزغول
10/11/2011

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

أناجي سوريّا


  لا زلتُ أتنفس ذلك النسيم العبِق ،لم أستطع لساعة كاملة أن أتحرك من ذلك المكان..هناك يا أم ،أقترب منكِ أكثر ..أستطيع أن أروّي الروح في جسدي المهترئ البالي ..أستطيع أن أمطر..ولكن ..مطر الخوف..القلق..والاعتراف !


الأنفاس أغدقت المكان ..بضع قطرات تروّي ذرات التراب..مختلطة بنشيد السماء.. وحارت الأرض !!
أناجيها من على تلك المرتفعات ،وأرتّل أسفاراً تاريخية ضجّت بالصدر وما حوى ..إلى كم آدمي سينشطر ذلك الكون الذي كنْته في حضرتك ؟؟ وكم زيتونةٍ ستنبت تلك العبرات التي روّتني أو روّت ثراكِ ؟؟ إلى كم قصةٍ سأبعثر حرفي ،بعد أن ابتعدتُ خارج الزمان والمكان حين العناق؟؟ 




أشتاق ذلك الجلوس..وأشتاق تهادي الشمس كحطّة العروس على جبال الجولان وقت الغروب !!
أناجيكِ .. وأدري أن اللغة يا أم، خلقت لتشفي ما يضرّ الفؤاد حبسه، ولكن أضرّني حتى الحرف !!
أناجيكِ ..حين أسرّ لي "أبو عبيدة" نشوته عند أول هبوط له في "درعا" ..حدّثني عن طيب الأهل والولد هناك،وفخرهم ..واعلان انعتاقهم الأبديّ من قبضة المتغطرس "هرقل" !!




حتى هرقل ..أسرّ لي حكاية العشق السرمدي في رحلته من "القدس" الى "حمص"..اختار تلك البلدة المنيعة مقرّاً لقيادة جيوشه ، هو يا أم علّمها الكثير بلا شك.. جعل أزقتها تمتلئ بما لا تشتهي ..فانتفضت ! وانتزعت منه السلام انتزاعاً ..فقال :"سلامٌ عليكِ يا شام ..سلاماً لا لقاء بعده" !


لا شك أن عشقها،وامتلأ بحبها ،ولم يفارقها الا بالدمع ،غير أنها وفيّه ..والمهر الغالي الذي دفعه "ابو عبيدة" وجيوشه أغراها !!
والعروس تهدي نفسها لمن يغامر فدوىً لها !





صوتُ "خالد" لا يزال يصدح في أذني ..وأدري أنكِ تصغين اليه كما يصغي اليه  بنو صهيون كل يوم ..صوته يرتفع مع تسبيح ذرات نهر اليرموك..وصهيل خيله يرتفع ويخبو كالأناشيد.. فيرد على رسالة حمص في ارتفاعه : " أنا لكِ وحدك..أفترش الأرض عهداً ووعداً وشوقاً لملقاكِ !" 


سرعان ما تبتسم المدينة ..وسرعان ما يتراكض الفرسان نحو دلالها ! ابتسامة الأمل على شفتيكِ تصيّرني كالمشتاق على واحة الصحراء ..ينتظر قوائم الشهداء في  الملأ الأعلى ،علّ اسمي يكون أحدها !..فأبلغ منكِ مبلغاً حسناً يا أم !




جفّ الدمع ،وغادرنا الميعاد..ولكن الانتظار يلفّني ،أتسمّر المكان ،أحدّق بكلّ حجر وشجر ..ابحث عن شاهدٍ وشهيد !
العشاق يتسابقون ، وأنتِ تعلمين كم أجيد مناجاة العاشقين ..ولربما أكون أوّل من يموت على المداخل يا أم !
سئمت الأبواب المغلقة..أتعبني الموت الملّون ..لوحته لم تكتمل باسمي بعد !


يناديني الرفاق بعد أن أوقدوا نار السمر أمام تلك الهضاب..لبّيتُ يا أم..والله كفّاً للعتاب لا أكثر ! ..فوجدتُ الأحلام مضاءة في الموقد !!
حتى الضوء يا أم ..لم يكتمل ..نصفه مختبئ خلف السحاب..ونصفه يحرّكه عود ثقابٍ أو شمعةٍ وسط الظلام !!


لا أريد أن أبرح المكان يا أم..أشعر ان الموت يكمن في طريق الإياب ..وما الموت على مداخلكِ الا حياة العاشقين ..فشتّان شتّان بين موتِ الموت..وموْت الوَلَه !


غروب الشمس في الأراضي السورية من ام قيس
لن اقوى على هذا الامتحان يا أم ..تركتُ الكثير من الاختبارات الزائفة على مكتبي في عمّان..ولكن هذا الأصعب ..فهل أموتُ على الأسوار ؟؟ على الحدود المغشوشة؟؟
والدي يجرّني نحو أشكال الحداثة ، نحو سيّارة تكوّنت من أكوام من حطام أحلامي على التخوم !! تحاول قطرات المطر أن تسحر ما بي من يأس..يأسٌ لم يساوني إلا بعد أن أُبعِدتُ قهراً عن أبواب المدينة !


حمص بوابة القدس..ولن تقبل هزيمة..موتُ الموتِ على عتباتها سيكون الأجمل ..ذلك هو موت الخيانة ،أو ارتعاد الفرائص !! تذبحهم يا أماه مفاتنها الكثيرة !


هضبة الجولان من أم قيس
سأعود وأناجيكِ ..وأتّقي في صدركِ كلّ خوف أو وجل ..سيظلّ اسمي حروفاً تشكّل على الطريق علامة!! كلّما دخل رحّالة أرض اليرموك..أرض "أم قيس" سيعرفني ..من نزف الحب هناك !


صفاء الزغول 
8/11/2011

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

تعليم لا تعليب !



لا زلت أطرق التأمل كلّ حين وآن في أساليب التدريس في جامعتي.. وعقب كلّ محاضرة لا بد أن أذهب الى "المصلّى " ألقي بكثير الضجر والتعب مما أقاسيه في المحاضرات .. من دكتور يتقن أسلوب التنويم ،وإطفاء إضاءة القاعة .. الى دكتور نظّارته سميكة بالحد الذي يكفيه لأن يبحث عن حرف "Y" على لوحة المفاتيح أثناء إحدى محاضرات لغات البرمجة !


الى دكتور تستطيع أن تعدّ كم المحاضرات التي أتاها .. وتجاوز ال 25 دقيقة فيها !
أو إلى دكتور مهمّته الأولى أن يفسد عقل الطلاب عليهم.. الى دكتورة تتفنن في "إسكاتي" بأي مظلة شاءت !! والكثير الكثير مما لا أستطيع ان أذكره هنا ..


كان ذلك الصباح مشابهٌ لما اعتدت أن أراه في كلّيتي ، والعجيب انني كنت مبتسمة .. فقد دعتني اثنتين من صديقاتي "النخبة " لزيارة نموذج يتوقعن انّ في خيط أملِ عريض في التعليم ..وليس التعليب !


ولم أتوانى مطلقاً .. انطلقت أنا وصديقتي " فداء " الى موقع مدرسة "البرج التركية الاردنية " في الصويفية ،في تمام الساعة 12 ظهراً ..
شوقي ل "تسنيم " و "رهام" كان كبيراً جداً ..فقد اعتدت مجالستهما والحديث المطوّل معهما في الجامعة قبل أن يتخرّجا.. وينتقلا الى العمل في صميم مشاكل الأمة العربية والإسلامية ..




حيث أنّه ومما لا شكّ فيه ، أن ظاهرة "التعليب" منتشرة جداً في وطننا العربي ، مع أن "التعليم" هو إحدى أهم صممات الأمن القومي في الدول ،وبه وحده يتحدد مستوى الدولة ، ومكانتها بين الأمم.. والتقدم في مستوى التعليم ..يعني ببساطة الانتقال من "تجميل " الموارد البشرية الى "تجويدها" ورفع كفائتها على كافة المستويات !


** من الضروري أن أنوّه الى أن هذه المدرسة حديثة الانشاء ..وبالتالي كثيرٌ من الأقسام لا تزال قيد الانجاز ، والعمل فيها على قدم وساق.. ولكن جوهر الخطط موجود ورأيته عياناً :)


بدأت الجولة في المدرسة من قسم رياض الأطفال ، فكان أوّل من قابلت هناك .. " خير النسا " ابنة مدير المدرسة .. ألقت التحيّة مباشرة ،قبل أن يخبرها أحد..وقدمت فسلّمت علينا.. "خير النسا " تركية ،ولكنها تتعلم العربية وكانت نغمة "الحمد لله " جميلة جداً منها حين سالتها : "كيف الحال؟ " .. المربيات يجلسن في غرفة اللعب مع الأطفال ،الذي يتفننون في اللعب ب "الحروف " وتركيبها ..
أثناء التجوال صدمت بوجود غرفة فيها كمبيوتر وشاشة عرض متقدّمة وأدراج صغيرة .. "غرفة تعليمية" مناسبة جداً لرياض الأطفال :) جولة سريعة وخرجت ..


ذهبت مباشرة الى "مصلّى " المدرسة .. وقد كان واسع جداً .. دخلت اليه فيه من النظافة والجمال ما يليق بمسجد ،لا مصلّى مدرسة فقط !




أبديت ملاحظة سريعة "المدرسة فيها مساحات فارغة كثيرة .. ليش ؟ " فأتتني الاجابة سريعاً عندما دقّ جرس الاستراحة _وكان على شكل نغمة موسيقية جميلة _ عندما خرج الطلاب الى هذه الساحات داخل المبنى وخارجه منهم من ذهب لاستكمال مهّمة بناء "مخزن الاسلحة " ومنهم من ذهب الى المصلّى ..ومنهم من ذهب الى "المكتبة" ومنهم من يذهب ليزور اصدقاءه في الصفوف الأخرى ومنهم من يذهب ليشرب الماء أو أو أو .. .. 






الاستراحة في المدرسة 10 دقائق عقب كل 40 دقيقة صفيّة ،و 30 دقيقة غداء .. يخرج بها الطلاب الى حيثما شاؤا ..حتّى وإن كانوا يريدون أن يجلسوا مع معلميهم أو يرحبون بضيوفهم !
قابلت في فترة الاستراحة "أسامة " طالب في الصف الخامس سألته عن "لماذا تحب المدرسة ؟ وما الشيء الذي وجدته فيها ولم تجده في غيرها ؟ " .. بثقة جميلة سأل قبل أن يجيب " انا بعرفك.. صفاء صاحبة مس تسنيم ..حكتلي عنّك لما تناقشتوا مرّة عنّي ع الفيس بوك !! " اعتاد اسامة أن يتناقش هو ومعلمته كثيراً على الفيس بوك !


أجاب أسامة : " انا بحب هاي المدرسة لانها بتخليني أتحرك وأشتغل ونشارك بكثير نشاطات ،وفيها معلمات بسمعونا لما نسأل عن أي شي وما بنخاف منهم ! بننزل على المكتبة وبنروح على المختبرات .. هيك بنقدر نعمل كثير اشياء بحياتنا غير الدراسة !!! " 


اسهاب أسامة في الحديث كان يعبّر عن الكثير من رؤى واستراتيجيات المدرسة ..اتضح ذلك حين قابلت بعضاً من معلمات المدرسة ..
 معلّمة اللغة الانجليزية "هاجر" تركية الاصل.. وتدرّس الانجليزية ،ولغتها العربية قليلة جداً 
جلستُ معها بعض الوقت وسألتها عن رؤيتها الخاصه في التعليم ، وأساليب التدريس لديها ،وعلاقتها بالمدرسة وجوّها ..فأجابت :" نحن هنا في المدرسة نؤسس لمعنى العائلة الذي تفتقده المجتمعات سواء بين الطلاب أنفسهم ،أو بين الطلاب والمعلمين ، أو بين الطلاب والمعلمين وإدارة المدرسة أيضاً ! ، الاحترام هو اللغة التي تفوق أي اختلاف في اللغات بيننا ! 
( Our Main Aim here Is teaching MORALS ) عبارتها التي هزّتني .. عندما عبّرت عن رؤية المدرسة في التعليم .. " 




استفسرت سريعاً "كيف بامكانك توصيل هذه الرؤى الى الطلبة ،وأنتي معلّمة لغة انجليزية فقط ؟ " 
اجابتها كانت مدهشة أكثر .. " نحن نعلّم لغة .. الوسيلة الأكبر للتعبير عن ثقافة المجتمع ،وهي القادرة على صياغتها ! "
وضوح الهدف يجعلها تتحدّث بثبات ووضوح !


سألتها أيضاً عن أسلوبها في مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب فأجابت :" الحل الوحيد في Just TRY ..I'll help you".. لديهم فن في غرس معنى "المحاولة" لدى الطالب .. ويمنحونه الكثير من الفرص ..واكتشفت أنّهم يفتحون ابوابهم يوم السبت لأي طالب لديه مشكلة مع أي مادة ..ويقومون باعطاءه حصص تقوية .. والطلاب لا يخجلون من ذلك !!


خرجت للجلوس في المساحة الفرغة في المبنى أمام الصفوف.. جميع المعلمين يدخلون الى الصفوف بنفس الوقت ..والطلاب يسبقونهم !
وجلست اتحدّث مع "تسنيم" و"رهام" عن المدرسة أكثر وأكثر ..
كان لغة "التعليم بداية انطلاق التغيير " واضحة لديهم ، و أنّ "الاستثمار في الأجيال تجارة لا خسارة فيها " !


سألت عن اساس توظيف المعلّم ، فوجدت أن بعض المعلمين يوظّفون بناءاً على نصائح من المعارف الثقات .. والبعض يوظّف عن طريق طلب التوظيف العادي .. العجيب ان كلّ معايير قبول المعلّم معتمدة على ما لديه من ثقافة وطرق تفكير "فنحن نصنع الخبرة ، ومن السهل تطوير المهارة لدى أيّ فرد ..لكن كيف نصنع عقل المعلّم ؟ " !!! هذه استراتيجية الادراة في التوظيف !




وفي خضم حديثنا خرجت مصادفة إحدى المعلمات من "الصف الأول" تمسك بيد إحدى الطالبات وتذهب معها الى "كولر الماء" لتشرب..ثم تعود معها الى الصف !!!


اكتشفت أيضاً انّ هناك اجتماعات دورية ..يومين في الاسبوع لتطوير عمل المدرسة ،واستقبال الملاحظات ومعالجتها .. الأعجب الأجمل ان هناك اجتماع أسبوعي أيضاً على شكل جلسة "ايمانية" بين المعلمين .. يستلهمون من فكرة "التنمية بالايمان " ..و أنّ "الاسلام شيء نعيشه ! " كما يقول الاستاذ عبد القادر مدير المدرسة !


ذهبت أخيراً للقاء الاستاذ "فاتح كولن" والأستاذ "عبد القادر " مدراء المدرسة ، للحديث معهم ايضاً ..
عندما سألتهم عن فكرة الاستراحة ، وخروج الطلاب الى اي مكان يشاؤون فيها .. _فالمعتاد ان وقت الاستراحة هو خروج المعلم من الصف فقط ،اما الطلبة فلا بد أن يبقوا في صفوفهم ولا يغادروها _ فأجاب الاستاذ فاتح ويكأنّ في سؤالي شيءٌ من خطأ ف "الوقت نعمة ولا بد للطالب أن يُحسن استغلاله في الجد واللعب " !!


بعض الجوائز التي حازها طلّاب المدرسة في أولومبيات عالمية
استراتيجة "ما نحكي _No Speaking_ كما يعبّر عنها الاستاذ عبد القادر  كانت واضحه ،عندما سألته عن استراتيجيتهم في التعليم.. أجابني .. " أهم وسائل التعليم ، حسن صناعة المعلّم " !!!! المعلّم القدوة قادر على صياغة تفكير الطالب بما يجعله قادر على التعامل مع أي شيء في حياته فيما بعد ..


المعلم الذي لا يخدم رسالته لا مكان له في المدرسة.. التدخين ممنوع ، الأنشطة التي يقوم بها الطلاب عن طريق الأندية يشاركهم المعلمون يد بيد .. 


أما إذا حدثّتكم عن فكرة "القراءة لا بد أن تكون منهج حياة" كما يراها المديران ..فلن أُنهي !
هناك 10 دقائق قراءة للمعلم والطالب سويّة كل يوم ،وحصّة قراءة منفصلة اسبوعياً !! 
لتجد مثلاً "أسامة" ينهي القصة التي كان يقرؤها.. فيذهب الى معلمته ويطلب منها كتاب "البوصلة القرآنية" الذي كان بيدها ،فتعيطيه اياه .. يغيب أسامة بعضاً من الوقت ليعود معلّقاً على الكتاب فيقول : "الكاتب عميق " !!






لا أعجب من المدير صاحب الرؤيا ..ولا أعجب من المعلم كذلك .. ولكنّك ترفع قبّعة الاحترام حين تشهد عياناً أن الرؤى وصلت الى "طالب بعمر ال 10 سنوات ! " !!


هناك اهتمام خاص بالأهل أيضاً ..انطلاقاً من مبدأ ان العملية التعليمية لن تنجح إن كان هناك فصل بين جوّ المدرسة وجوّ المنزل !
فتجد هناك "ورقة تقييم يومية للأهل " واجتماع دوري معهم كذلك ..
والمعلّم يتصل مع الأهل تارة.. ومع الطالب تارة أخرى ليقترب أكثر من الطالب خارج نطاق المدرسة ،فيستطيع أن يصوغ برامجه بدقّه أكثر على ما يحتاجه الطالب ! هذا طبعاً غير الزيارات التي يقوم بها المعلم لتلاميذه !!!!




الكثير الكثير مما لم أوفيه حقّه ، والعين ترى كثيراً مما لا تُجيد الكلمات صياغته .. انا هنا لم أتحدّث عن الطلاب والمعلّمين والمدراء خارج المدرسة .. ففعالية ما تقوم به عمليّة التعليم تتضح خارج أسوار المبنى..وينطلق ليصوغ معنىً عميق للأمة !


فأسامة ومثله كثير ..يفهم ما يريده "أحمد الشقيري" من برنامجه "خواطر" الذي كان يسعى لتوصيل روعة العرب وتاريخ المسلمين !!




هذه الزيارة نفثت فيّ روح الأمل.. روحٌ عجيبة ، والقدرة على صناعة المستحيل بأجود اللغات !
كلّ التحية لمدارس البرج ..كلّ التحية للاستاذ فاتح والاستاذ عبد القادر ..تحيّة بحجم السماء لتسنيم الحاج حسن.. ورهام أبو صيني ..
تحيّة ملؤها الثقة ..لاسامة وزيد..ساراهم كثيراً في أماكن شتّى في العالم ! فهم الاقدر على ذلك فقط !


صفاء الزغول
14/10/2011









الخميس، 6 أكتوبر 2011

حيث يغشى الجمال المعرفة !





ان تكون أنت الثابت الوحيد بين الزمان والمكان ، يفرض عليك ان تكون الأذكى في ملاحظة التطورات ،وإدراكها ،والتفاعل معها وتقييمها..
أن تشهد تراتيل التغيير ،وفجأتها ، يعني أنّ تحمل مسؤولية فريدة من نوعها ،لا يجدر بحملها سواك..

أن تطرق أبواب الانسانية ، يعني أنّك بدات تقترب من المعنى الذي يحققّك أنت ،ويحقق الوجود ايضاً !
أن تدخل في غمار النفس البشرية ،يعني أنّك تدرك فعاليتها ،وقيمتها ،والجمال الذي يحويها !
أن تدرك الأرضية التي تقف عليها .. أن تشعر بكثافة رحمة الله في مكان وزمان ..أن توقن بقيمة التفاصيل ..أن يسلبك الوقت طعم الراحة ،وتتكئ على كثير الأمل والعمل .. أن تتهاوى الكلمات وتخجل الحروف ، هو أنا والملتقى المعرفي الشبابي !

اسبوع كامل على انقضاء الملتقى المعرفي الشبابي الذي أقيم في عمّان ولأول مرة ،ونسماته التي فاقت أيّ معنى للتخطيط والادراك ،خارج عن اي شكل للسيناريوهات !



يقول الاستاذ مصطفى الحسن : "إذا أردت أن تخرج بمشروع ولا تدري ما تفعل ،أوجد مكاناً للنقاش وتلاقح الأفكار ! " وعلى قدر علمي  هذه هي رسالة الملتقى المعرفي ، أن تحلّق بين أشكال الفكر ،فتدرك الأرضية التي تقف عليها ،وتفتح ابواب العمل الذي تحتاجه أمتنا وحضارتنا حقيقة !



كثير الجمال اضفاه وجود الكثيرين في مثل هذا الملتقى ، من كافة البقاع ،وخصوصاً من فلسطين الغالية ،لتلمس التجارب الواقعية وتقترب من حياتهم ومشاريعهم ..
ازدحام الأفكار والتصورات والحاجات الذي شكّله وجود هؤلاء الثلّة من المفكرين المتميزين ، كلّ منهم بقدر معلوم ،حركة لا أظنها ستكون سهلة أو بسيطة ،خصوصاً في ظل تسارع التطورات ، إذ لا مجال للتهاون ،أو أخذ المزيد من الراحة !

كتبت فيما يقرب من 10 مقالات عن ملخصات الجلسات ،والأجواء الرحمانية المعرفية للمتلقى ،ولكنني فكرت كثيراً ،واخترت أن أحتفظ بها لنفسي ، لإنني سأظلم الفكرة ،وأخشى أن أنتقصها !



كلّ ما يمكن أن اقوله عن الملتقى ،أنّه بيئة محفّزة ومستفزة للعقل والقلب ايضاً ،كثيرة الحركة والتفاعل والاسئلة التي لم يتم الاجابة عليها ،كثير الأصدقاء ، كثير الآفاق كان هناك !!

الفريق الاداري للملتقى من اليمين "همام يحيى ،أسامة غاوجي ،أ.محمد العباسي ، أحمد ابو طاقة ،سلوى طه "


لم يعمر المكان محض اشخاص ،ولكن غمره كثير الأفكار والانطلاقات ،ولا أرى في معنى هذا الملتقى سوى الانطلاق ، الناتج ابتداءا عن زخم الأفكار وتداخلها ،ولربما تعارضها !!


قليلة هي كلمات الشكر..ولكن أجدد مباركتي للانطلاقه ، ولا يزال في الدرب كثير الأصدقاء ،وكثير المحرّكين !
وسيقى عام 2011 الأكثر فعالية وتفعيلاً بامتياز !




صفاء الزغول 
6/10/2011

الجمعة، 5 أغسطس 2011

ولتُصنع على عيْني 2011/8/6


كان يخبّؤها في جوهره .. ولا يهمّه كثيراً كيف يراها أو متى ..المهم أن يحتفظ بها ليس إلّا ، يخبّؤها .. وتكشفه عيناه وملامح وجنتيه..
هدّء من روعك ... لا بد أن تولد !
ينتظرها.. وانتظارها هو أطول الأزمان ولكنه الأكثر جمالاً .. فهو لا يعدّ الدقائق ولا الساعات .. إنما يعدّ أنفاسه ، ونبض فؤاده .. يتكئ على ساعد الأمل ..ويُسند رأسه على جذع الشوق حيناً ويتنهّد ...
رويداً ..ها هي تولد !
الصرخات تتالى ، وترتفع لحظة عن الأخرى.. وكلّ ما حولها فرح ووجِل ! تصمت حيناً وتبكي حيناً آخر !؟؟ إنّها تولد !


أمام بوابة القادمين مكث ينتظرها .. يحمل أسفارها ولا تحمله .. ويتكبّد عناءها ولا ترفق بانتظاره.. ولكنّها حتماً ستولد !ها هو الزورق يطلّ من بعيد .. زورق هادئٌ وجِل..والأمواج من حوله لا ليست ترحمه !
 باسم الله يجريها .. فيا رب هل تصل ؟؟
يلحّ عليها في السؤال.. أين ينتهي حد الانتظار.. حتى أنتظركِ هناك..؟؟
على حين غرّة ..

يختار الصمت.. فولوجها هو الحديث ..
يوقف عدّاد الزمان .. فوقوفها تقويم جديد ..
لقد ولدت !
منذ عام فقط ، وكلّ ما حولها يذكرون عشرين عام ..


عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان..
من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال !
واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن !
حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ ..
وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني "

العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى ..
" ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة ..
 وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "


لم يكن لها معنىً حين أرادت .. ولكن حين أراد كان!
لم تعرف المرفأ ولم تدلّه .. ولكن حين أراد كان !

ولتصنع على عيني ... تجد في البكاء إجابة ..
ولتصنع على عيني ... تفهم النسمات الرحمانية في كلّ يوم تُلقى عليها !
ولتصنع على عيني ... دعوتها الأولى والأخيرة..
إن عجزت.. وإن ضعفت ... إن فرحت .. إن اسرّت أو أعلنت ..
"ولتصنع على عيني " !



عام واحد فقط ، أبصرت به الوجود ..
عامٌ واحد فقط ، منذ أن فقهت الحب ..
عامٌ واحد فقط ، منذ أن رتّلت أسفار الانهيار الأخير ..
عامٌ واحد فقط ، منذ أن وُلدت طفلةً وكلّ ما فيها صبا ..

عامٌ واحد على اليوم الذي التقيتها فيه .. تشدّ اليمين حين يغتالها تعب الشمّال..
وتُسند الشمال إذا ما مالَ عليها اليمين ...


عامٌ واحد .. لم تعرف معنى الركون .. حيث ال " لا هناك " أو حيث تكون !
عامٌ واحد والتاريخ يكلّفها التيقّظ في الظلام، بل ويجعلها تدأب خلفه تكتبه ..علّها تجد لها مكاناً فيه!
عام واحد وللقدس عندها كتفٌ ترخي عليه جسدها المنهك المتهالك !
عام واحد .. ونفثات قلم تحدّث العالم عن أنفاسها التي تحار بين الجنون والتعقّل !
عامٌ واحد .. وفي الأفكار لها حياة .. والنهضة إضافتها ..
عام واحد وملتقى القدس مقرّها ومستودعها ..
عام واحد ونبضاتهم في فؤادها ليل نهار !
عام واحد وهي تهزّ بجذع النخلةِ كلّما قررت مواجهتهما !
عام واحد ولا ارضٌ تقلّها ولا سماء تغطّيها !!
عامٌ واحد منذ أن عاشت حلم سنين،ورأت في الدم ثأرٌ جديد!
حين انتفض العالم .. وما عاد ينتفض القلّة فقط !
ممممم أي نعم ...عامٌ واحد !

كان عاماً واحداً .....
لم يكن قبله ولا بعده ....!!!



والله عامٌ واحد !!
هو كلّ عمري ...





صفاء الزغول 
6/8/2011

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "