عام ونصف العام مضى على بداية ارتباطي الوثيق بالقدس،وأكاد أجزم أن له بين السنين الطويلة التي قضيتها من عمري الكثير،ولكن هذا العام كان تفجر الأنهار وتدفقها نحو تلك الأراضي ..
منذ فترة ليست ببعيده ،دار حديث في منزلنا عن أننا عائلة من أصل أندلسي ومن غرناطة بالتحديد .. كانت فرحتي لا توصف بمعرفة هذا الخبر،ولكن كان لا بد من التحقق والتأكد ،وعمدت والدتي للتحقيق في هذا الموضوع ،وأكدته لي بعد فترة من الزمان ، نشوتي بمعرفة الخبر كانت غامرة ،وكانت ألم على ألمي بعشقي للقدس يضاف..
فمع كل يوم أتعلم فيه الجديد عن القدس ، أجد نارا تلتهب في جوانبي الشتى على حالها اليوم ، فكيف أعلم أن بعضا مني ،بل كلي هناك من الأندلس !! وأنت تعلم ما حل بها ...
بدأت أتصفح عن تلكم البقاع ،و آه ما حل بالفؤاد..
بلاد يممت الكبرياء والعزة والفخر على مر السنين ..لها في سطور التاريخ نصيب الأسد ، حكاية فتح تلك البلاد تجعل صاحب البلاغة أبكما ورب الكعبة !! وفي طور البحث عثرت على من هي تتنفس تاريخ الأندلس وعشقها ..لا تسكن حيث تحيا ..ولا تحيا حيث تسكن !!
جعلت لها في وسط الحمراء عرشا لها ، بصدق الحب والفهم والدراسة والرواية ..وأخذت على نفسها حكاية الحكاية ...
هي منى .. " منى حوى " صفدية الأصل أندلسية الهوى ، أو " أم الأندلس " كما تعرف بنفسها دوما .. شابة في الربيع الثاني بعد العشرين من عمرها، في طور تحضير رسالة الماجستير في دراسة العلوم السياسية في السودان ، الأهم من ذلك أنها صاحبة صفحة الأندلس على الموقع الاجتماعي فيس بوك ،إن أنت فتحت تلك الصفحة وتلك الكلمات ، عرفت عمن أتحدث ، ولخصت علي سبل التعريف بهذه الصديقة..
كان هذا الموقع هو طريقة التعارف الأولى على هذه الشابة ،وانتقلت العلاقة تدريجيا على أرض الواقع ، وصاحبتها في رحلة لم أجد لليوم مثيلا لها على أرض الأردن ، نحو قلعة الكرك وقلعة الشوبك ، تلك الأراضي المقدسة في الأردن ، وتلك البقاع التي ورثت أمجاد أجيال ..
أراها تقف على سفوح تلك الجبال تنظر بعمق ، وعلى قمة القلعة تنظر ،وتحدق النظر ، تسمع صهيل الخيول المسلمة التي مرت على تلك البقاع ،كلما نظرت إليها شعرت أنها تجلب لي نفحات غرناطة والحمرا وقرطبة ، وشتى بقاع الأندلس ..
نذرت نفسها لتكون أندلسا يمشي على الأرض ، والكل يعرف حكايتها ، وأجزم أن الأندلس تروي قصتها وتعرف من تكون ..عاشت معاناة الغربة عن موطنها..فنذرت أن لا تكون فلسطين ...أندلسا أخرى !!
منى ..همة نحو الأندلس نذرت نفسها .. واليوم أبتسم وأنا أتعلم على يديها ،في نفس الوقت التي أراها تجلس على طاولة نقاش جلسات المستوى الثاني لدراسة العلوم المقدسية ..
وأسعد أنني أرافقك
كطيفان لنور واحد ..بين الأندلس والقدس ...
:)