الأحد، 16 يناير 2011

يوم الامتحان





سبحان من له حكمة في الاوقات وانقضاءاتها.. سبحان من يبث الهمة فينا مع طول المسير..ويبلغنا والزاد قليل ..بين العام والعام تجد الفاصل لحظه ..وبين انقضاء العام والآخر أيضا لحظة !! قد يكدر النفس مشقة الطريق وبعده ..وسرعان ما تجده بات حكاية من حكايا الماضي !!

كنا هناك ،وفعلنا هناك ،لم أفكر أنني سأنجز هذا الفصل بتلك السرعة ..فقد كانت الحسابات أن ينقضي الفصل لا من الوقت وحسب ، وإنما ينقضي مع بعض من نفسي وذاتي !! 

أي والله انقضى ..بكل ما جلبه لي ..انقضى .. وبكل ما حمله بين جنباته انقضى !!
وفي الانقضاء ألف عبرة !!
البدايات ترافق النهايات ..كما ترافق الثانية الاولى .. وفرق بين الرفقتين شاسع ..فأن ترافق النهاية البداية ففي ذلك الهمة والتغيير .. واما أن ترافق البداية النهاية ففي هذا عجز وتوقف .. وقد عشت الرفقتين في تلك الفترة المقضية !!
الى أن جاء يوم الامتحان ..والذي يلخص كل ما مر في تلكم الفترة ..
فقبل يوم الامتحان تجد الهمة بتصاعد متوالي ..رغم الانكسارات التي تعترض الطريق..الا أن الهمة تبقى متوقده ، فهي عدتي وزادي ، حين يشح الزاد والعدة !! ولشواهد الليالي حكاية ما قبل الامتحان ،تسطر عبرات وضحكات ، وتعب طويل ..
وأما في يومه ترى العجب العجاب..

ففي يوم الامتحان تجد أشكال الرجاء متناثرة في كل مكان ..وكل يستجلبه بطريقته الخاصة ..
تجد فداء إذ تقول : " ماما حكتلي آكل قبل الامتحان  ... يعني معي رضى والدين ..توكلت على الله "
وتجد تقى إذ تقول : " انا عملت اللي علي .. انقطت الاسباب وما ضل الا التوكل "
وتجد دعاء إذ تقول لي : " ما تخافي ..ببركة القدس رح تعملي منيح :) "
ولأشكال الخوف مكانه أيضا .. فتجد تلك تبكي وتقول : ما ختمت المادة !!
وأخرى تقول : "راحت علي صلاة الفجر !! الله يستر من الامتحان اليوم ... "
وتلتفت عن يمينك فترى ذلك الشاب يخاطب صديقته بقوله : " ما رح أزبط !! في كم محاضرة غبت عنهم "
والكثيرون الذين يسترجعون أفعالهم وأقوالهم قبل دخول قاعة الامتحان !!

في يوم الامتحان يا صاح .. تجد من لا أسمع لها حديثا يخاطبني طوال العام تنتظر دخولي باب القاعة .. إذا تأتي متلهفة وتقول : ((صفاء بترجاكِ ..غششيني !! لازم أنجح )) وتطلب علما لا أملكه !! فهو وديعة من الرحمن في عقلي .. وتطلب ما رزقنيه المولى ..وما عند الله لا ينال الا بطاعته !!

في يوم الامتحان.. تنتعش عندما يسامرك ليل طويل بين الاوراق والأقلام والكتب ..والسبب أنك تعد إشراقة جديدة لأمتك ..بنيتك وعزمك وقوة ايمانك ..وأن كل ما تفعله هو خطوة !!

في يوم الامتحان لا يحلو لي النوم الا على أكوام من الاوراق والاقلام ..إذ تؤرق نومي بوخزة من هنا .. وضربة من هنا..وهاتفي الجوال يبقى يصرخ بالساعات في أذني .. أن قد أشرق فجر يوم جديد ..والعالم كله بانتظار لاشراقة طيف المسلم فيك !!

في يوم الامتحان.. لا استطيع أن أنسى قضيتي ..فتجدني أذهب لأستمع لمحاضرة تلخص عام 2010 في مدينة القدس..ولم أقدم ما علي ..ومع كل هذا وذاك .. أعجل في الدراسة..وأطيل سهر الليالي !!

وتجد والدتي ...(( صفاء بكفي..نامي ...))
ووالدي (( صفاء عيونك واللابتوب .. رح تنعمي آخر يوم !! ))

في يوم الامتحان.. تجد الحب يغطي الأجواء.. حينما تجد رفقة المحن تجاورك ..
في يوم الامتحان.. تستخدم المسميات في كثير من الغايات التي لم تصنع لأجلها .. فتجد صفحات الفيس بوك والمسنجر ..باتت مجلسا دراسيا جماعيا فريدا من نوعه :)
في يوم الامتحان .. تكشف أسرار ما كشفتها الأيام !! وهناك تنطوي الضحكات والعبرات ...
في يوم الامتحان .. تستجلب هموم غيرك لتهون عليك همومك !!
في يوم الامتحان .. تجد النفوس القذرة تكشر عن أنيابها ..حين تقرر سلب جهد الآخرين !!


وفي يوم الامتحان تجد أن كل دنيانا امتحان واختبار ..
قاعة ومقعد .. قلم وورقة .. رجفة خوف ..وسجدة رجاء.. ضيق صديق ..وتضيق معلم ..
هروب من مسؤولية ..وتحمل أخرى .. حب وكره وواقع وحلم ومؤامرة ..

أي والله .. عالمنا كله امتحان واختبار... إلا أن فترة انتظار النتيجة  بعد الامتحان تعني بداية خطة جديدة ..
وأما انتظار النتيجة في هذه الدنيا ..فهي اختبار آخر !!




صفاء الزغول
16-1-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "