السبت، 23 أبريل 2011

بداية جديدة



كما السفينة أشق عباب البحر،لا تخيفني ظلمته..عرضه..وما خبأه من أسرار خلف لطف المياه وسكونها.. وحيث اللامرفأ أسير،أبغي وصولاً الى مكان لا تخجل أشرعتي من المكوث فيه، تنتشي بعرضها وشموخها.. مكان..يرد إليّ روحي،يشفي ما بي من أسئلة..يرزقني الجواب !!

تتمايل الشطآن،وتختفي بعد أن ظننت أني قد وجدتها.. لماذا؟؟ ليس السؤال الذي أستطيع أن أشكّل له إجابة !


هاهي تمسك بيدي، وتفجأني أمام نفسي إذ تقول: "لا بد أن يكون لكِ مكان في هذا المشروع".. الأشغال تملئني ،لدرجة لا أجد الثواني التي أخلو بها الى نفسي ،فكيف أشرع بسفر جديد؟؟
على استحياء منها وافقت.. ومسرعةً أتيت إلى ذلك المكان، ها هو يتحدث،ويطرق شغاف القلب، على ترنيمة عقلية جديدة.. التاريخ بطعم جديد..لا كالذي تعودت عليه.. فلسفة.... ذلك العالم الذي أدخله فألقي ما في جعبتي،استجلب ما امام ناظري،ثم أخرج منه مسرعةً..أعلم أنه قد يسلب مني عقلي !!

فأقرر أن أحصّن نفسي بعدم الاستماع إليه.. ولكن هيهات أن أُسكت همهمات العقل إذ أخلو به حيناً.. ما العالم الذي بسطه أمامي ذلك الشاب؟؟ كيف أرى الصورة بتفاصيلها ومن بعيد ؟؟ عن اي عالم يتحدث؟؟ كثيرة تلك الأسئلة التي أوقفها أمامي..
فقررت أن أعيد التجربة تارة أخرى،وكذا فعلت ..
أذكر أن الايام الثلاث تلك،كانت نقلة نوعية بالنسبة لي ،حينما أمسكت بأول كتاب "فلسفي" في حياتي..لأبحر به مجدداً.. وأشعر أن خيام افكاري تتقوض شيئا فشيئا !!


ها هو يرسم لوحة جديدة،وكلنا يعلم كم هو رائع أن ترى الدنيا بعيون فنان !! ولكنها جاءت في حالة من طوارئ تعيشها أمتنا، اضطرابات فكرية كانت تجتاحني كل حين ،ولا أجد إجابة في دنيا التساؤلات..
كثير من المشاريع والافكار التي تخاطرني ،ولا أجد لها مكاناً.. أخجل من التفكير بشيء وأنا أقف امام نشرات الأخبار التي تلقي بالموت في كل باب ،وامام كل إنسان !

ومع كل هذا وذاك، يأتي ربّان السفينة بنفسه..ويبسط ما عنده في عالم الأفكار، كنت اسمع باسمه منذ فترات طويلة جداً،وأذكر أن صديقتي من القدس "آلاء سامي" كانت تطرح عليّ هذا المشروع من فترة،منذ أن تعرّفت عليها قبل عام تقريباً.. ولكن الاجابة على كل ما كانت تقول .." انا مش فاضية ، مش من تبعون النهضة، خليني بالقدس أحسن " حجتي أنني أعمل في الشأن المقدسي ، وأبتغي التخصصية ، ولذلك لا يجب أن أغامر في مجال جديد،قد يحرف مساري ،أو يشوش عليه..أنّى كان هذا المسار!


ولكن مع قدوم ربّان مشروع النهضة "الدكتور جاسم سلطان" ، الى الأردن،وبعد أن خضت التجربة الأولى مع أحد تلامذته،وكسرت حاجز التعرّف على المشروع، كان للموضوع شأن مختلف تماماً !!
6 أيام متتالية،من الضخ الفكري الجديد من نوعه على ساحتي الشخصية، وأعني بالجديد،أنني كنت أرى مثل هذه النوعية من التنظيرات حالة من "الترف الفكري" وأنها ابعد ما تكون عن واقع ،يحتاج الى عمل مركّز ومكثف.. بغية تدارك الوقت الذي يمر سريعاً على أمتنا..


حالة الصدمة التي اصابتي كانت قوية،عندما قوجئت بالمنظومة الضخمة للتحليلات،والافكار والأطروحات، وستكون موضوع أطروحاتي في التدوينات القادمة،لما وجدت لها من أهمّية كبيرة، بقدر الشمولية التي تُطرح فيها..

انطلاقاً من منظومة التفكير والتحليل الاستراتيجي للأحداث،واستقراء جديد للذاكرة التاريخية،وفنون الاستفادة منها ومن فلسفة التاريخ، الى نظرة واسعة الى الجغرافيا السياسية للعالم،وكيف تشكّلت قواه واوزانه ،الى الفهم النوعي لحركة الاقتصاد العالمي،وما الذي يسيطر عليه ويوجهه ..




مشروع النهضة بخلاصاته التي وصلت إليّ.. يعبر بوابة الارتجال، الى التخطيط العملي العلمي، عماده الوعي، والرؤية المصقولة، وفهم جديد للواقع وتحركاته..
أفكارٌ حية في بيئة ركود، حيث تلتقي هذه الأفكار بالحساسية الجماهيرية ومطالبها واحتياجاتها..أن نعرف الضروري ونقدره،وننطلق منه الى الممكن ،لنكتشف بعد حين أننا أصبحا في دائرة ما يعرف ب "المستحيل "..

أن نتفنن في اكتشاف ديننا وتوظيفه، في مرحلة باتت " صالح لكل زمان ومكان" في خطر، عندما نرى الناس بدأت تتفن في شراء أجمل المصاحف لتزين بها زوايا البيت..لا أكثر !

المشروع فكرة،وحاجة مجتمعية ملحة، كل ما نحتاجه ،هو حسن التلقي،ثم رفع كفاءة الاستفادة من الاشياء ،بناءا على مجموعة من الطاقات والأفكار والقوى العقلية،التي تحرك التاريخ ..


وفي ظل هذا السيل العارم،وشبكة العلاقات الرهيبة التي دخلت بها،وجدت نفسي تائهة نوعاً ما ، وخلف اللوم بدأت القي أعذاري،ما الذي يدفعني للولوج في ما لا يخصني ،ولا هو من ثوبي..؟
وجدتني أمام مواجهة صعبةً لذاتي.. حتى قلمي ،ابى عليّ أن يساعدني،ويوقف ذلك الاجتياح الكبير من الافكار .. غير أنني أتقن الوقوف امامها في الأوقات الحرجة،في فترة لم أعد أعرف نفسي ..وما الذي افعله بالضبط !!

فوجدتها تلك الضارة النافعة .. اليوم،وبعد اسبوع من انقضاء لقاءاتي مع الدكتور جاسم السلطان،وسيكون لكل محور منها تدوينة خاصة كما ذكرت في الايام المقبلة، سعيدة جداً بذلك الدفتر والقلم الجديدين ، والذي أمسكه كريشة فنان امام لوحته،سعياً لرسم الخارطة الذهنية الجديدة ل "صفاء" ،وكيف استطيع أن أقرأ ذاتي في لوحة !! ألونها بألوان خاصة،وأصنع منها حجماً كبيرً بقدر عالمي ، وأخرى صغيرة بقدر مكتبي.. حتى أعيد التعرّف على ذاتي كلما جهلتها .. :)
_على فكرة التجربة راااائعة ومسلية جداً أن تتعرف على ذاتك ،نصيحة لمن لم يجربها من قبل _

المهم أنني أعود الى لغتي ، وصيغة أفكاري،ربما أطيل الغياب في الفترات القادمة، حتى تكتمل تلك اللوحة بين يدي ،وحينها سيكون العطاء مسترسلاً..ولكن بلون جديد،وبطعم جديد ..


الى ذلك الحين.. أدعوكم حقيقة الى الاطلاع على هذا المشروع الراقي ، والتجول في بحاره السبع، "مشروع النهضة " ،علّكم نجدون فيه الحلقة الضائعة كما وجدت انا شخصياً..

تحياتي النهضوية:)
صفاء الزغول
23-4-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "