الخميس، 7 أبريل 2011

أعد إليّ روحي

تعود لتخطف مني ذاتي ،بنفس الطريقة كل مرة ،ويكأنها خلقت لتسلب عني روحي..أعلم أن كل حيّ هو شيء في هذه الحياة،أعطيها على شرطها هي، تموج بنا بكل جبروتها، بكل تعنتها.. حيث لا ندري،ونحن بهواها سائرون !


أمشي على الدنيا ، وفي الخطى ارتباكات اليوم والليلة..أفكر حيث لا مجال للتفكير،ابني على الآمال ،وأشيد صروحاً من خيالاتي وأحلامي.. وتبقى هي هي .. إذ تسلب مني روحي مجدداً..


وما أعجب مثل عجبي ،حين أسمع تمتماتهم .. "ما شاء الله عليها ،رائعة ! " ، " لا أدري أين سنجد مثلها ؟؟ " تغرهم كتلٌ من صور باهته، تحاول ترانيم الكلام أن تجمّل بعضاً من زواياها المرهقة ، لا أقول ترهق الجسد ..وإنما تستنفذ الورد القليل الذي تملكه من روحها ...


 كلما تذكرت أيام خيالها المشبوب ،الذي يلقي في كل شيء لمعان النور وانطفاءاته..حيث ترى الدنيا في خيالها ،كالسماء التي ألبسها الليل عقوداً من نجوم..حتى تدرك أن استجلاب الأحلام واقعاً، بعض من فنونها..
فما ترى حالها حين تفقد تلك الروح ؟؟ وكيف ترى النفس فيها ،وهي ثكلى.. تصيّرها كواحة صغيرة في الصحراء القاحلة ،تنتظر أصحاب القلوب الرضية ..علّهم يحملون اليها بعضاً مما يملكون !!


تتبعثر الدنيا مجدداً،وتغرق في بحر..لا كالبحور، بحرٌ يتدفق باتجاه واحد، يذهب بلا عودة .. مسكينة..احترفت التعليم دون أن تذوق لذة الورود على معلّم ..جميل هو العطاء بكل معانيه ..ولكن الحواس منا تعجز عن ادراك الغايات ،فالصوت إذا ما اشتد يصم الأسماع !!
والنور إذا ما اشتد لمعانه ،يغشي الابصار !! والقرب يمنعنا من الرؤية ،كما يمنعنا البعد !فتكاد غايات الاشياء لديها صعبة الادراك !


نعم،وبقوة..تحتاج الى خضر موسى ..أو شيخ الحيران بن الأضعف !! أراها تشتاقه كل يوم، أكثر من اليوم الذي سبقه.. وأمام نافذتها الصغيرة ..ها هي تعاود الوقوف مجدداً ، علّ نسمة عليلة من نسماته تراودها،وتطرق تلك النافذة .. لا تزال تحيا على الانتظار، أو أنها تنتظر الحياة.. الخيارين لديها واحد..


بلغت الجهْد... وأعياها الانتظار، ولا تزال تقف أمام تلك النافذة، فإن أردت الوصف ،بلغت الدقة إذ تقول "انه وقوف الفلاسفة أمام السماء ! "



في انقضاءات الوقت هنا، تجدها تقطع أرضاً يباباً.. بحجم فؤادها.. إذ تنتظر حكمة تؤتاها، أو حكيماً تطيل المكوث ببابه كما البحر لا تستطيع ادراك شواطئه البعيدة ، فترى تدفقاً كأنهار الجنة عليها..حباً وتحناناً وحكمة !
تتسع النافذة سنتيمترات قليلة ، ويطلّ نور كثيف، وينقشع ذلك الظلام العابر..فتجد سر اليقين ،وتفهم معنى الوجود، وتدرك لغز التيه..وتتفن في انتزاع الألم !


فتتحرك المعاني ،وتغازل السطور ..وتعلو عن أمانيها،وتغيب عن الأوهام ..حين تسمو في ذلك الأفق البعيد،وتذوب الروح منها شغفاً بذلك اللقاء المهيب.. حب يغمر الحياة،ويطلّ على همومها،إطلال المغفرة على الآثام !!


ويغيب الوهم والضياع وألم الفؤاد،كمغيب السحر حين الفجر..أو تراها حين الغروب تنادي .. "خذوني الى لغتي معكم.. وأولجوا علي نفسي..وعلموني دمج المعاني بالروح برفق، حيث استطيع أن آوي إليّ "..



وقد فعلتها...


فهاهي..كرائحة الورد تغري النفس وأزكى..اشراقات تدغدغ صمت القلوب فتنفعل..وتنفجر العيون،وترسم الذات وتحكي،قصة الفراق واللقاء ..


هنا تعود إليّ روحي، تأتي وتصافح كفيّ بشغف..تأتيني فأنسى بوجودها الزمان ..ويستريح المكان في راحتينا..ترد مركبي إلى مرفأها،رغم ضيق المسارات اليه!!


تعود إليّ بعد أن وقفت أعلن إفلاسي على بابه..وحروفي حبري تتبعثر،حين اسوق حديثي إليه سبحانه ..حين اسلم نفسي إليه ..ترتد عليّ خاضعة..بانحناءاتها المعتادة..أمام عظمته ولطفه وجبروته !! هو الذي يسمع همهمات القلب ،وهو الذي يأتيني هرولة إن أنا يوماً إليه مشيت !!


رباه..أعد إلي روحي..فما عدت أطيق الفراق..ولمّ عليّ شملي..واجمعني بذاتي.. وأسقني شراب الرضا،وصدق اللجوء نحو بابك..
فباب من أبتغي علماً وحكمة وفهما..وأنت خير العالمين ..آتني الحكمة.. وفصل الخطاب.. إلهي ....











صفاء الزغول
7-4-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "