الخميس، 16 يونيو 2011

مؤتمر القدس.. وتجربة جديدة

القدس.. أطول من رواية، أعمق من عبرة ، أصعب من جهاد.. حكايةٌ يصعب اختصارها..


هذه كانت الخلاصة التي خرجت بها ، من عمل طويل ، في مؤتمر القدس..حق انسان ومسؤولية أمة !
حيث انتهى في الثاني عشر من حزيران الجاري ،فعاليات مؤتمر القدس..حق انسان ومسؤولية أمة ، والذي نظّمه ملتقى القدس الثقافي ،بالتعاون مع لجنة مهندسون من أجل القدس/النقابات المهنية ..في عمّان في فندق المريديان ..




ربما تكون مدينة القدس من أكثر المدن التي شهدت على مر التاريخ أكبر الصراعات والتحديات والنزاعات على مختلف الصعد، وهي كذلك من أكثر المدن التي تعرضت - وما زالت - للشد والجذب بين القوى الإقليمية والعالمية والدينية في العالم، فهي المدينة الوحيدة التي تُجمع الديانات الكبرى الثلاث على أهميتها وقدسيتها، مما يعطيها هالة عالمية مؤثرة جعلت منها حجر الأساس في تقدير أي قوة عالمية ناشئة أو ناضجة كما أثبت التاريخ.

ولعل من اللافت والجليِّ في تاريخ المدينة المقدسة أن أصحابها الأصليين لم يغادروها منذ سكنها الإنسان، مثبتين بذلك حقهم التاريخي و العرقي و الديني و السياسي و القانوني في المدينة المقدسة. واليوم، وبعد أكثر من ستة آلاف عام على تأسيس المدينة، وأكثر من ألف وأربعمائة عام على فتح المسلمين الأول لها، تعيش المدينة احتلالاً من نوع جديد يحاول أن يغير هوية المدينة العريقة و تاريخها و صبغتها؛ فلا يقتصر اعتداء الاحتلال في القدس على الإنسان بمحاولة تجهيله و تهجيره و تفريغ القدس من أهلها و أبنائها و هدم بيوتهم متجاهلاً بذلك كل القوانين الدولية الإنسانية، بل يستهدف كذلك المقدسات و الشجر و الحجر، فهو يعمل على تهويد هذه المدينة المقدسة و طمس المعالم العربية و الإسلامية فيها و عزل المدينة و حرمان سكانها الشرعيين من كافة حقوقهم.




و من هنا جاءت فكرة مؤتمر القدس لتأكيد الحق، و توصيف الواقع المرير الذي تمر به مدينة القدس، و لإبراز أوجه المسؤولية المختلفة المترتبة على كل منا و ترجمتها عملياً لمشاريع فعلية، لعل أن يكون ذلك كله خطوة في طريق النصر و التحرير.

ان أطرقنا النظر لبعض الوقت في هذه الفكرة،والتي تنبع من حاجة ملحة في مجتمعاتنا،لفهم حقيقة هذه القضية،بعيداً عن التصورات الشخصية للافراد .. في قضية قد تبدو الأعقد في فهم أبعادها ،ومعطياتها اليومية..

تجد أن مؤتمر القدس ، قدّم تجربة هي الأولى من نوعها .. 
ففي مؤتمر القدس .. عرض الفكرة له جوّ مختلف ، وسط غياب واضح للوجوه التقليدية، والكلمات المستهلكة ، والمواضيع الباهته... والانطلاق الواضح للشباب، الذين شكّلوا الكتلة الأكبر في تنظيم ونجاح المؤتمر .. 




في مؤتمر القدس.. وبعيداً عن الكلام والتنظير ، تُطرح 10 مشاريع عملية لنصرة القدس " معرفيّاً " و "ماديّاً "  في أكثر من مكان في الوطن العربي ..
في مؤتمر القدس .. نحن لا نتمرّد على الشخصيات ، وإنما نتمرّد حتى على الأفكار .. فتجد طرحاً جديداً ..لمشاكل التعليم والسياحة في القدس.. 


في مؤتمر القدس.. تجد الأفكار الإصلاحية التي قدّمها مشاركون "شباب" لا تتجاوز أعمارهم 20 عام تأخذ مكانها الواضح في توصيات المؤتمر ..




في مؤتمر القدس .. لن تجد طرحاً للأفكار... وإنما مناهج واضحة لصناعة المفكّرين !
في مؤتمر القدس.. يرتاح التناقض ..والعجائب هناك تلمس باليدين !!
فكم يهنأ القلب حين تأتي إحدى الاخوات من المطار مباشرة نحو الجلسة الأخيرة للمؤتمر ..لتنال بعضاّ من الخير فيه !




وكم تتعجّب عندما ترى أهالي القدس الغالية،يقفون مع العاملين لحظة بلحظة !
وما اروع الشعور ، حين يكون معك على نفس الوتر ..أهل استراليا ، وفرنسا واسبانيا .. والكثير الكثير من دول العالم ..فقط تراقب ما يجري في مؤتمر القدس !






في مؤتمر القدس.. نجد فنّاً عجيباً في استغلال وسائل الإعلام .. والأجمل كسِمة هذا المؤتمر "العاملين الشباب" على هذا الباب أيضاً !


في مؤتمر القدس .. ترى شبكة علاقات جديدة تتشكّل وتترابط بطريقة جملية، لأنها قامت ابتداءا على فكرة جديدة !




في مؤتمر القدس .. تلتقي التجارب ، وتناقح بعضها بعضاً .. 
في مؤتمر القدس.. تستمع إلى شيخ الثورة المصرية "د. صفوت حجازي" وربط عجيب بين ما يجري على أرض الواقع من ثورات ..وكيف تفتح باباً عريضاً للزحف الواعي نحو القدس ..




في مؤتمر القدس .. ترى أنه الفكرة المنتشرة بين الناس " إذا جاء الفتح فلا بد أن تقوم القيامة" جميلة .. ولكنّ الأجمل منها ، " إذا جاء الفتح ، فاستبشروا بنهضة جديدة " 


وتجد أحلام الشباب لا تقف فقط عند "الاستشهاد " في الفتح.. وإنما "إعمار الارض" بعد هذا الفتح :))
قليلة تلك الكلمات التي أستطيع قولها في مثل هذا المكان .. ولربما يقف أمامي الكثيرين ممن يعارضون فكرة هذا المؤتمر ..وكيف أنه يندرج كما اندرج كثيرّ مثله تحت باب التنظير و "الفزلكة" .. ولكن اقول ما قاله لنا الدكتور عبد الله معروف.. دكتوراه في دراسات بيت المقدس.. 


"مؤتمر القدس..لن يحرر القدس.. ولكن القدس لن تتحرر بدون فكرة هذا المؤتمر ! " 






وحتى ندرك حجم الضيق الذي وصل إليه حال المدينة المقدسة في هذه الأيام ، وهذا ما لا أستيطع إغفاله حتى في هذه التدوينة ... "عيد الأنوار الصهيوني" والذي كان مساء البارحة "الأربعاء" على باب العمود..والانتهاك الواضح لمعالم هذه المدينة .. 






وما سيجري من احتفاليات كثيرة حتى عند موقع القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى ... الأقصى لن يكون في خطر .. فالخطر وقع بوقوع الاحتلال !!






لا بد أن نأخذ خطوة ، والبناء المعرفي والعلمي هو اللعبة الأهم في هذه المرحلة ..
كل التحية لكل العاملين في ملتقى القدس الثقافي ،ولجنة مهندسون من أجل القدس.. على تنظيم مثل هذا المؤتمر ..
وكل التحية لأهالي القدس العظام.. الذين ترتبط وظيفتهم الأولى والأخيرة أن يبقوا في أرضهم ويصمدوا ويثبتوا أمام هذا الموج من مخططات التهويد ، والجبروت الذي يملكه اليهود .. 

وتبقى القدس بحاجة الكلّ منا ..لا البعض !
اللهم أعنا على ما ارتضيته لنا ..اللهم آمين ..
وغداً .. في القدس نلتقي !




صفاء الزغول
16/6/2011



هناك تعليق واحد:

  1. في القدس من في القدس ولكن لا أرى في القدس إلا أنتِ
    مؤتمر نحتاج لمثله في كثير من البلاد
    فالقدس في احد الاعوام كانت عاصمة الثقافة العربية والعام تكون حق مقدس و مسؤولية أمة بأكملها

    ردحذف

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "