الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

أناجي سوريّا


  لا زلتُ أتنفس ذلك النسيم العبِق ،لم أستطع لساعة كاملة أن أتحرك من ذلك المكان..هناك يا أم ،أقترب منكِ أكثر ..أستطيع أن أروّي الروح في جسدي المهترئ البالي ..أستطيع أن أمطر..ولكن ..مطر الخوف..القلق..والاعتراف !


الأنفاس أغدقت المكان ..بضع قطرات تروّي ذرات التراب..مختلطة بنشيد السماء.. وحارت الأرض !!
أناجيها من على تلك المرتفعات ،وأرتّل أسفاراً تاريخية ضجّت بالصدر وما حوى ..إلى كم آدمي سينشطر ذلك الكون الذي كنْته في حضرتك ؟؟ وكم زيتونةٍ ستنبت تلك العبرات التي روّتني أو روّت ثراكِ ؟؟ إلى كم قصةٍ سأبعثر حرفي ،بعد أن ابتعدتُ خارج الزمان والمكان حين العناق؟؟ 




أشتاق ذلك الجلوس..وأشتاق تهادي الشمس كحطّة العروس على جبال الجولان وقت الغروب !!
أناجيكِ .. وأدري أن اللغة يا أم، خلقت لتشفي ما يضرّ الفؤاد حبسه، ولكن أضرّني حتى الحرف !!
أناجيكِ ..حين أسرّ لي "أبو عبيدة" نشوته عند أول هبوط له في "درعا" ..حدّثني عن طيب الأهل والولد هناك،وفخرهم ..واعلان انعتاقهم الأبديّ من قبضة المتغطرس "هرقل" !!




حتى هرقل ..أسرّ لي حكاية العشق السرمدي في رحلته من "القدس" الى "حمص"..اختار تلك البلدة المنيعة مقرّاً لقيادة جيوشه ، هو يا أم علّمها الكثير بلا شك.. جعل أزقتها تمتلئ بما لا تشتهي ..فانتفضت ! وانتزعت منه السلام انتزاعاً ..فقال :"سلامٌ عليكِ يا شام ..سلاماً لا لقاء بعده" !


لا شك أن عشقها،وامتلأ بحبها ،ولم يفارقها الا بالدمع ،غير أنها وفيّه ..والمهر الغالي الذي دفعه "ابو عبيدة" وجيوشه أغراها !!
والعروس تهدي نفسها لمن يغامر فدوىً لها !





صوتُ "خالد" لا يزال يصدح في أذني ..وأدري أنكِ تصغين اليه كما يصغي اليه  بنو صهيون كل يوم ..صوته يرتفع مع تسبيح ذرات نهر اليرموك..وصهيل خيله يرتفع ويخبو كالأناشيد.. فيرد على رسالة حمص في ارتفاعه : " أنا لكِ وحدك..أفترش الأرض عهداً ووعداً وشوقاً لملقاكِ !" 


سرعان ما تبتسم المدينة ..وسرعان ما يتراكض الفرسان نحو دلالها ! ابتسامة الأمل على شفتيكِ تصيّرني كالمشتاق على واحة الصحراء ..ينتظر قوائم الشهداء في  الملأ الأعلى ،علّ اسمي يكون أحدها !..فأبلغ منكِ مبلغاً حسناً يا أم !




جفّ الدمع ،وغادرنا الميعاد..ولكن الانتظار يلفّني ،أتسمّر المكان ،أحدّق بكلّ حجر وشجر ..ابحث عن شاهدٍ وشهيد !
العشاق يتسابقون ، وأنتِ تعلمين كم أجيد مناجاة العاشقين ..ولربما أكون أوّل من يموت على المداخل يا أم !
سئمت الأبواب المغلقة..أتعبني الموت الملّون ..لوحته لم تكتمل باسمي بعد !


يناديني الرفاق بعد أن أوقدوا نار السمر أمام تلك الهضاب..لبّيتُ يا أم..والله كفّاً للعتاب لا أكثر ! ..فوجدتُ الأحلام مضاءة في الموقد !!
حتى الضوء يا أم ..لم يكتمل ..نصفه مختبئ خلف السحاب..ونصفه يحرّكه عود ثقابٍ أو شمعةٍ وسط الظلام !!


لا أريد أن أبرح المكان يا أم..أشعر ان الموت يكمن في طريق الإياب ..وما الموت على مداخلكِ الا حياة العاشقين ..فشتّان شتّان بين موتِ الموت..وموْت الوَلَه !


غروب الشمس في الأراضي السورية من ام قيس
لن اقوى على هذا الامتحان يا أم ..تركتُ الكثير من الاختبارات الزائفة على مكتبي في عمّان..ولكن هذا الأصعب ..فهل أموتُ على الأسوار ؟؟ على الحدود المغشوشة؟؟
والدي يجرّني نحو أشكال الحداثة ، نحو سيّارة تكوّنت من أكوام من حطام أحلامي على التخوم !! تحاول قطرات المطر أن تسحر ما بي من يأس..يأسٌ لم يساوني إلا بعد أن أُبعِدتُ قهراً عن أبواب المدينة !


حمص بوابة القدس..ولن تقبل هزيمة..موتُ الموتِ على عتباتها سيكون الأجمل ..ذلك هو موت الخيانة ،أو ارتعاد الفرائص !! تذبحهم يا أماه مفاتنها الكثيرة !


هضبة الجولان من أم قيس
سأعود وأناجيكِ ..وأتّقي في صدركِ كلّ خوف أو وجل ..سيظلّ اسمي حروفاً تشكّل على الطريق علامة!! كلّما دخل رحّالة أرض اليرموك..أرض "أم قيس" سيعرفني ..من نزف الحب هناك !


صفاء الزغول 
8/11/2011

هناك تعليقان (2):

  1. بوابة الألم والعذاب يا صديقتي واحدة ،،ولولا توحد الألم لما شعرنا به معها.. والباب المتلون بالوان الموت لم يكتسي منا إلا صوتاً واحداً ليفتحه ،،صوت الحرية وإرادة تهتز منها سلاسل جبال الذِلة ،،
    ما عدنا نقدر على الموت لكنه هو اللون الذي نعيش .. قدرنا أن نحيا بزمن الموت لنزرع الحياة بين صخره الأصم
    سوريا عشقتنا من ألم يحكيها .. عشقناها وغداً ياسمينها سيروي كفني ،، ستعطرني قبل المسير :)

    تحية لقلمك

    ردحذف
  2. شركة نقل اثاث بالقطيف تقدم لك خدمة نقل عفش واثاث لأي مكان داخل مدينة القطيف أو خارجها، فقد يحتاج البعض منا إلى الانتقال من مكان لآخر حسب ظروفه عمله أو ظروفه الاجتماعية، ويكون في حاجة سريعة لمن يتولى عنه تنظيم وترتيب مقتنياته، وذلك تقدمه شركة نقل عفش بالقطيف، حيث توفر لك مجموعة من العمالة والفنيين المهرة المدربين على خدمة فك وتركيب جميع الأجهزة الكهربائية والغرف الخشبية وغيرها من مقتنيات المنزل أو الفيلا أو الشقة التي تسكن فيها.
    أهم مميزات شركة نقل اثاث بالقطيف
    • تعتمد الشركة على مجموعة من العاملين الذين تم تدريبهم على أعلى مستويات الدقة في عملية فك وتركيب وتجهيز المقتنيات الكهربائية أو الخشبية وأدوات المطبخ والكتب، والأدوات الزجاجية بحيث لا تتعرض للكسر أو الفقد.
    • تستخدم شركة نقل عفش بالقطيف مجموعة من الكراتين والأكياس المخصصة لتغليف الأدوات المنزلية والكتب والسجاجيد والموكيت وغيرها من اثاث وعفش منزلك.
    • تعتمد الشركة على مجموعة متنوعة من الأوناش التي تستخدم في رفع وتنزيل العفش من الأدوار العليا في حالة ضيق السلالم حتى لا تتعرض المقتنيات من عفش واثاث للكسر أو الخدش.
    • تعتمد الشركة على أسطول من السيارات المتخصصة في نقل العفش لجميع مناطق المملكة، يقودها مجموعة من أمهر السائقين الدوليين.
    • توفر الشركة خدماتها بأرخص الأسعار المتاحة في مجال نقل العفش والأثاث.
    كيفية نقل العفش عن طريق شركة نقل اثاث بالقطيف
    • يتم إرسال فريق من العمال لدراسة الموقف في مكان النقل، ويتم فك وتركيب جميع الأجهزة وترتيبها وتنظيمها داخل الكراتين، ويتم تنزيلها بطريقة آمنة للسيارات، وفي الوقت نفسه يتم معاينة مكان الانتقال حتى يتم خطة لتنزيل ورفع العفش للمكان الجديد.
    https://forsan-elnil.com/index-phpid3/
    https://forsan-elnil.com/movers-in-qatif-477094/

    ردحذف

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "