الخميس، 21 أكتوبر 2010

بين الأرض المقدسة والأرض المباركة



ودقت الساعة الواحدة صباح يوم الجمعة الموافق 15/10/2010
وما زلت أحاول أن أرغم عيني على أخذ غفوة بسيطة قبل أن تشرق الشمس ..
فاليوم طويل ..ولا بد من أخذ قسط من الراحة قبله !!

لكن شوقي وترقبي لتلك اللحظة كان عجيبا ...

لحظات حتى أخذني النعاس وسلبني عقلي .. فنمت !!
يرن هاتفي ..مؤذنا باقتراب الموعد ..
ويصدقه آذان الفجر يصدح عاليا .. 

أضبط أنفاسي ..أحزم حقيبتي..وأنطلق...

وصلت الى ذلك المكان الغالي.. وقد سبقني الكثيرون طبعا .. :)

لكن عيني وبخطفة سريعة ..رأيت ما لم أكن أتوقع ..
كنت قد أعددت نفسي لصحبة مميزة لهذه الرحلة .. 
لكن ..



أشرقت نفسي وزادت تألقا عندما رأيت أستاذي وعرّابي ان صح التعبير..
يرافقنا ..
((د.عبدالله معروف))
فانشرح صدري.. أيقنت بأنه يوم سيسجل في تاريخي !!

بعض الوقت انقضى .. وها نحن نشد الرحال..

من الأرض المباركة في عمان .. ونحو الأرض المقدسة في الكرك ...
جنوب الأردن ..


ينطلق ركبنا في تمام الساعة 7:30 صباحا .. 
يستلم زمام الركب .. المهندس وائل البطاينة .. 
شخصية فريدة من نوعها .. الذكر والدعاء .. كان مستهل الرحلة ..
والمهندس وائل ..يحاول جاهدا أن يوقظ فينا بقايا النشاط في هذا الصباح ..
والذي يتلو اسبوعا شاقا بالتأكيد ..

شخصيا .. كنت واقفة طوال المسير حتى وصلنا الاستراحة الأولى.. 

الى أن استلم قائد الركب النادر .. ((الاستاذ نادر )) مكبر الصوت ..
وبدأ يتحفنا بعجائب كثيرة ..ليس من السهل أن تجد مثلها في أي مكان .. 
يسير الكرب فينا .. ونحن نتمايل يمنة ويسرة .. 

نقبّل بأعيننا كل بقعة يحدّثنا عنها ذلك النادر ..

  

فهنا كان كذا .. وناك كان كذا ..
هنا استوطن الرومان .. وهناك بنى العثمانيون ..
وهناك عاش الصليبيون .. وهنالك استصلح الأيوبيون.. 


ورحلة على الأرض.. وصحبة عبر التاريخ ..

بعد الاستراحة الأولى استلم الزمام أستاذنا .. المتألق بطبعه ..
د. عبدالله .. 
وبدأ يرسم الصورة المميزة عن ذلك المكان المهيب الذي ننطلق باتجاهه ..


خطواتنا تعشق المكان الذي تدنو منه .. 
وحروفه صولات وجولات بين ((الكرك جزء من الارض المقدسة )) .


تمر اللحظات .. وكلما أسرع سائق الحافلة بنا قليلا .. شعرت بأن الزمن يدور بي .. 
فأرى كل ذرة تراب .. وتلك العصور تمر عليها مام ناظري ..



فأنحني أمامها بخجل !!
وأرى قبلة الإجلال عليها قليل !!

فترن سريعا في أذني .. كلمة قالها لي د.هيثم سعادة ذات مرة .. 
("هذه الأرض تصلح للطيران لا للمشي !! ")

فلربما مرّ هناك صحابي .. ولربما خالطت هذه الذرات دماء شهيد !!
وما ذلك عليها ببعيد .!!!!
ها هي الأرض المقدسة تفتح ذراعيها أمامنا ..وهناك في الأفق بدأت اشراقاتها تطل علينا ...



نعم ..اشرقت قلعة الكرك !! 
وكلمات الاستاذ نادر ..تحاول أن تجمّلها أكثر وأكثر .. 
فيا ليتكم كنتم معي .. فشعرتم بما شعرت!!

نزلنا من الحافلة مسرعين ..
تسلّحت بآلات التصوير .. حتى لا يفوتني شيء من خير !!!


من هنا وهناك ..أمام ذلك الحائط ..

 خلف ذلك المدفع ..

 

أمام تلك القنبلة ..


في داخل القاعات المتنوعة ..
في المتحف ..




 

على تلك الدرجات ..



ومقابل تلك الأبواب ..

 

على هذه الحدود ..

 

فوق ذلك البرج ..
أمام هذا النقش..





وفي داخل هذا المسجد ..


تأخذني النسمات سريعا ..الى تلك اللحظات التي تلت عاما ..ونصف العام ..
عندما حاصر المسلمون هذه القلعة ..
حاصروها وأوثقوا عليها الحصار .. 
لعيون المحبوبة الغالية ..
القدس!!

أنصت بصمت لأصوات التكبير التي تلت ذلك الفتح المهيب !!
ذلك الانتصار العجيب !!!



أقف على أعلى نقطة في القلعة ..
وما زلت أرمي ببصري هنا وهناك .. 
أبحث .. يا ترى أين هي ؟؟؟؟!!!


"وين القدس يا دكتور ؟!".. بلهفة سألت الدكتور عبدالله ..


فاشار بيمينه اليها ..
شيء من الضباب البسيط كان يلفها !!

فقبلتها بعيني .. وأمعنت هناك النظر .. 
قد يظن الكثيرون أنّ فيّ مس من جنون عندما بكيت !! 

ولكن شعرت بعمق وصلي لها !!



هناك تطوف الروح قرب عشقها ..
فتنحني شوقا ...

رأيت الوصول قريب ...
والله قريب قريب ..
...مجرد رمية حجر !!!

ولكن ما هي الا حواجز وضعها بشر ..
وما أوهن ما وضعه البشر !!!

 

 

غنيت قصائدي على أعتابها ..

وكلي ثقة .. 

بأنها تعرف قصتي ..

وتدرك حلمي .. وتعلم من أكون !!!

أعود فارمي ببصري تارة أخرى .. 

فألمح ذلك الأسد يشمخ على برج ذلك المملوكي الفذ !!


القائد والظاهر بيبرس .. 

ويكأنني نظرت نحو باب الأسباط مثلا !! 


مجددا .. هي قريبة!!

تنتهي الجولة سريعا .. مع أنها متعبة بحق !!

 

لكنني أسري إليها على براق من صنع أحلامي .. فأواسي قدماي..


ايا أقدام الصبر احملي... 

فوالذي رفع السماء بلا عمد !! 

لم يبق الا القليل !!

نعود الى الحافلة الغالية ..

أودع حبيبتي الكرك .. وننظلق الى محطة أخرى ..

أرسيها لكم في تدوينتي القادمة 

:)

 صفاء الزغول

15/10/2010

 

 



هناك 9 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    احيك اختي الكريمة على ما خطه قلمك من ابداع
    ولعل صدق العاطفة والمشاعر سلب القارئ وجدانه وحلقت روحه في فضاء مهيب يسري نحو قبلة العاشقين حيث يتسابق الشوق والحنين الى ربوع القدس الغالية .
    كثيرة هي الكلمات ولكن حسبنا ان نكون على ثقة بان يوم الفتح قريب وجحافل النصر وهتافات التكبير ستعيد للأقصى حريته ويستمسح عن القدس دموعها لترسم الفرح من جديد باذن الله .

    ردحذف
  2. رائع ما خطته أناملكِ عزيزتي .. وكم هي جميلة تلك اللحظات حين نتنفس من عبق التاريخ ما يعيد الروح إلى آمالنا التي عقدناها ~
    بارك الله فيكِـ
    ورزقنا وإياكِ.. صلاة في المسجد الأقصى وشهادة على أبوابه ~
    دمتِ بعز

    ردحذف
  3. يا الله ... كم أعشق كلماتك ..
    أشعر بصدقها ... فيزداد حبي لها ..

    وكلما قرأت عن القدس بقلمك أحببتها أكثر ... وأكثر.
    أنتِ يا أختي رائعة جداً جداً .. وأنا أراها قريبة قريبة قربية ... بإذن الله ..
    فقط رمية حجر..

    صفاء شكراً من الأعماق .. :)

    ردحذف
  4. يعجز قلمي عن التعليق على هذه الكلمات التي هزت قلبي و أدمعت عيني و زادت في اشتعال نار الشوق و الحنين إلى محبوبتي

    فقط أقول رضى الله عنكِ و ارضاكِ غاليتي صفاء

    بانـده

    ردحذف
  5. أكرمكم المولى وأسعدكم إخوتي..
    أخي خالد ..وأختي مؤمنة ..
    ود.باندة ..

    هذا من طيب أصلكم ..
    ومن روعة ما جمعني بكم ...

    دمتم بود
    :)

    ردحذف
  6. رائع ما خطت يمناك....

    بارك الله في همتكم....

    وجمعنا معكم في ساحات الأقصى الحبيب

    ردحذف
  7. عزيزتي .. سلبت قلبي حقيقة ..
    وفقك الله و أسعدك دوما ..^_^

    ردحذف
  8. رائع يا صفاء ..
    لا أملك أن أقول إلا "نيالك" ماشاءالله ..
    اسأل الله أن يجمعنا بصلاة في الأقصى الحبيب يااارب ..
    دمتِ نابضة وراضية وسعيدة .. :)

    ردحذف
  9. جزاكم الله كل خيرا
    ونساله تعالى ان يعطنا صلاة بالمسجد الاقصى قبل الموت

    ردحذف

ولتصنع على عيني

صورتي
عالمٌ كبير ذلك الذي أبحرت إليه.. على غير هدى من الله ولا برهان.. من اليمّ إلى الساحل .. بتابوت السؤال ! واشتهت نبوّةً .. لتذوق جمال اليقين ..ولتقرّ عين أمتها فيها ولا تحزن ! حتى استجلبت ذلك الطور الخفيّ .. وصاغتها ... " ولتُصنع على عيني " العصا في يدها هشّةٌ مهترئة.. وأغنامها تبعثرت عند نفخة حياتها الأولى .. " ربااه .. عجّل بي لرضاك.. فلي مآرب عجِلة .. وأتِ بي على قَدّر ..فقد صنعت نفسي لك وحدك ! "