عام مضى على تقديم ذلك المشروع الفريد من نوعه ..
والذي كانت النية منه ..استجلاب الروح المقدسية إلى أرض الجامعة ..
"نادي بيت المقدس"..
فكرة طلابية ..وهمة طلابية ..
وإنجاز طلابي..
تفاصيل هذه القصة كثيرة جدا..
أحتفظ بالكثير منها ..
وأبوح لكم بأكثر المواقف روعة كما وعدتكم ..
بعد عام كامل من الانتظار ..والترقب ..
خرجت رئاسة الجامعة بالموافقة على هذا المشروع ..
ولكن ..تبقى الحجج عائقا كبيرا أمامنا ..
أمام ولادة هذا الانجاز علنا ..
تحاول الأيدي والألسن أن تحطم مجاديف الإبحار الطلابي في هذا البحر..
بدأت المحاولات لتأجيل الموضوع تظهر بارزة على الساحة ..
حتى تأجل علنا ..مدة 4 شهور أخرى !!!
لكن فرق بين من يحارب لأجل فكرة..وبين من يحارب لأجل ذاته!!
ما زال الحماس يهب في نفوسنا ..
لا بد وأن نفعل شيء!!
ببساطة ...
"لسنا مستعدين أن نرمي همتنا وعملنا ..في الهواء!!!"...
نقدم مشروعا جديدا ..لنقضي فيه بعضا من حاجتنا بفعل شيء!!
تتم الموافقة ..
تبدأ التحضيرات بأعلى المستويات ..
شهر بأكمله من الملاحقات ..والموافقات والكتب الرسمية ..
الحمد لله ..
يومان فقط ..وتبتهج الجامعة بذلك النور المقدسي الفريد ..
انطلاقة إعلامية فريدة من نوعها في ذلك اليوم ..
العد التنازلي للعرض اقترب من 72 ساعة فقط ..
الهمة تتوقد يوما بعد يوم ..
وسط تلك الانشغالات والتحركات الكبيرة من الفريق ..
أسترق من ذاتي بعض الدقائق..
فأدخل عند ذلك الدكتور..
الذي كان زادي خلال تلك الفترة ..(وما زال طبعا)..
أخبره بالتطورات لحظة بعد لحظة ..
ونصائحه تأخذ مكانها في المشروع أولا بأول ..
بحت له بما عندي ..فابتهج ..
ولكن ..
قال بعض الكلمات ..لم تكن تلك التي توقعتها ..
((صفاء ...شغلك للمولى وحده..
ليس للقدس...وإنما لرب القدس..!!! ..
صححي النية ..وجدديها ..قبل أن يكون عملك هباءا منثورا!! ))
للوهلة الأولى ..شعرت أنها كلمات بعيدة للحظة عما أنا فيه ..
لكن باتأكيد ..
شكرته ...جزيل الشكر..
وبعثت له بأطيب الدعوات من مكتبه ..
وكالعادة .. "الملبس "هو الذي يصحبني من مكتب الدكتور..
فأبقى أنظر إليها ..أتذكر كل ما جرى في المكتب ..ثم أنطلق..
أحمل الكثير من الحقائب ..بالإضافة إلى حقيبتي الشخصية ..وبعض الكتب ..
عندما خرجت من مكتب الدكتور ..
هاتفي يصرخ !!!
ينتظر إجابة عليه منذ نصف ساعة ..
انتبهت عليه فإذا هي أختي "فاطمة"_المشرفة الأولى على المشروع_
أجبتها ..وإذ بها تقول بعد السلام ..
(( صفاء ..المعرض ألغي !!! ))
"على فكرة فاطمة أن تعبانة لدرجة خيالية ... خلي المزح بس أشوفك"
((صفاء ... بحكيلك ..المشروع التغى !!! وأنا في العمادة ..
والآن سأغادر الجامعة !!! ))
بدأت ضربات قلبي تزداد ..
"لحظة فاطمة.. ما تتحركي ..ثواني وبكون عندك "
أمسك بهاتفي ويداي ترتجفان ..
أقوم باتصال هاتفي مع الصديقة الأولى والمشاركة الرئيسية في المشروع ..
"رهام ... شو القصة ؟؟؟"..
((صفاء اهدي... وتعالي عالعمادة))
"رهام فهميني شو صار ؟؟؟ "
والصمت كان هو الجواب الأفصح!!!
مسرعة الخطوات وصلت إلى العمادة ..
لا ستطيع أن ألفظ أنفاسي لشدة التعب ...
"شو اللي صار أستاذ .................... ؟؟؟ "
((ما عندي جواب.. هذا اللي اجاكِ ..لو كان بايدي اشي كان عملته))
"وإلا مين اللي بدو يفهمني ؟؟؟ "
لا أكاد أدرك حتى اللحظة كم الكلمات السليطة التي وجههتها لهذا الاستاذ _المسؤول من العمادة عن المشروع_
بل حتى ما فعلت!!!
&والأفضل أن أحتفظ بها لنفسي&
صدمات كبيرة متتالية ..
بوارق كلمات الدكتور تلمع أمامي في كل لحظة .. مع هذه الفوضى التي حدثت بداخلي ..
أبحث عن حل ......................
رهام: "ننزل على العميد !! "
بلا أدنى تفكير ... يلا !!
طابق واحد .. وإذ بنا عند "العميد"
حوار لا أنسى حرفا واحدا منه .. بل حتى النبرات التي كان يتحدث بها ..
لا تزال ترن أمامي كلما رأيته في كليتي !!!
الشاهد من لقاءه..
والحجة التي أبداها ببساطة ..
" التحضيرات والمشروع بأكمله لا يرقى للمستوى المطلوب !! "
بعد عام انتظار.. ثم تأجيل ..ثم تحجيم له !!
وفي نهاية المطاف.. لا يرقى للمستوى المطلوب!!
بعد شهر كامل من التجهيزات .. لا يرقى للمستوى المطلوب ..!!
بعد أقصى التسهيلات التي قدمناها ... وأكثر التنازلات !!
لا يرقى للمستوى المطلوب !!
بعد ضخامة الحملة الاعلامية ..والتي وصلت من رئيس الجامعة ..
وحتى عمال النظافة في الكلية !!!
وايضا ... لا يرقى للمستوى المطلوب ..!!!
كان النقاش عقيما ... لإنه بدى من طرف واحد فقط ..
اضطررنا لإنهاءه .. لنكسب بعض الاحترام لأنفسنا ...
لإنه لم يقدَم لنا مطلقا !!
لا تزال كلمات الدكتور ترن في أذني .. وأرفض المواجهة ..
أخبرت رهام بما قاله لي الدكتور .. في وسط المعمعة الذهنية التي كنا فيها ..
3 قائق ..لاسترجاع النوايا ..
هاتفي يرن ..
"خطوة جديدة نفعلها ... تعالوا في الساعة الفلانية الى المكان الفلاني .. لنصل لرئيس الجامعة !!! "
كلمات أخبرني فيها أخي وأستاذي أحمد ......... المشرف على المشروع أصلا !!
انطلقنا بلا أدنى تردد ..
وصلنا ..
فالتقينا بدكتور فريد من نوعه ..
هذه أبرز قصصه في حياتي ..
أدلينا بدلونا ..
فانتفضت مشاعره ..
ولكن كانت مهمته خلال ساعة ..أن يعيد التوازن لعقولنا وذواتنا!!!
وهذه كانت أخطر مرحلة ..
أن ترى بناءك يهدم بأكمله بقرار غير مسؤول.. ولم يبقى له إلا القليل..
ووالله القليل جدا !!!
في صباح اليوم الثاني .. كان التطور..
وصل الخبر لرئيس جامعتنا الغالي ..
الدكتور الفذ .. ((خالد الكركي))
قراره واضح وصريح !!!
يخرج المشروع بأبهى حله ..
دون أن أفصل ما جرى ..
أسبوع آخر ..تجهيزات أكثر..
ولكن ..
أخذتني قدماي بسرعة قبل كل شيء لذلك الدكتور..
أخبرته بما جرى ..
فابتسم!! وقال :
((يا بنتي .. المحاولة شرف..
والكر فن .. لا يتقنه الكثير !!!
انتِ الرقم الصعب !!
نحن نبني للخطائين قصور الخير.. قبل أن ننظر إلى بؤر الشر فيهم!!
معلش .. فرصة نطور.. فرصة نصحح النية ..
فرصة نقدم شيء ارقى ......................... ))
أيام قليلة ...
وانطلق المشروع على مستوى الجامعة ..
500 طالب في وقت الافتتاح ..والقاعة لا تتسع لأكثر من 200 شخص..!!!
2000 طالب ..ودكتور .. وعامل .. وموظف في الجامعة يزورون المعرض ..
نوعيات طلابية جديدة تدخل المعرض ...
أسئلة فريدة من نوعها ..
احتجنا لأكثر من ساعتين على باب المعرض نخفف التواجد الطلابي حتى نستطيع أن نغلقه في اليوم الأخير!!!
مر علي الدكتور "الصاحب " في لحظات افتتاح المشروع ..
وفي لحظات ختامه الأخيره ..
(( كلمه .. ما لازم تفارقك ...
نحن لا نعمل للقدس..
ولا نحب القدس لأنها القدس..
ولا نضحي لأنها القدس ..
بل نعمل لرب القدس ..
ونحبها لأن المولى شرفها وأمرنا بحبها ..
ونضحي لأنها مفتاح عزة أمة ...
ونحن لا نعز الأمة لأنها أمتنا ...
بل لأنها أمة حبيب الرحمن فقط !!! ))
بلا تعليق ... أنهي مقالتي !!
:)
صفاء الزغول
12/10/2010